مدرسة الفقاهة
مکتبة مدرسة الفقاهة
قسم التصویري
قسم الکتب لأهل السنة
قسم التصویري (لأهل السنة)
ويکي الفقه
ويکي السؤال
فارسی
دلیل المکتبة
بحث متقدم
مجموع المکاتب
الصفحة الرئیسیة
علوم القرآن
الفقه
علوم الحديث
الآدب
العقيدة
التاریخ و السیرة
الرقاق والآداب والأذكار
الدعوة وأحوال المسلمين
الجوامع والمجلات ونحوها
الأشخاص
علوم أخرى
فهارس الكتب والأدلة
مرقم آلیا
جميع المجموعات
المؤلفین
الحدیث
علوم الحديث
العلل والسؤالات
التراجم والطبقات
الأنساب
جميع المجموعات
المؤلفین
متون الحديث
الأجزاء الحديثية
مخطوطات حديثية
شروح الحديث
كتب التخريج والزوائد
جميع المجموعات
المؤلفین
مدرسة الفقاهة
مکتبة مدرسة الفقاهة
قسم التصویري
قسم الکتب لأهل السنة
قسم التصویري (لأهل السنة)
ويکي الفقه
ويکي السؤال
صيغة PDF
شهادة
الفهرست
««الصفحة الأولى
«الصفحة السابقة
الجزء :
1
الصفحة التالیة»
الصفحة الأخيرة»»
««اول
«قبلی
الجزء :
1
بعدی»
آخر»»
اسم الکتاب :
حجة الوداع
المؤلف :
ابن حزم
الجزء :
1
صفحة :
444
513 - مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافِينَ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، قَالَ: «§مَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ» ، ثُمَّ انْفَرَدَ حَمَّادٌ فِي حَدِيثِهِ بِأَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «وَأَمَّا أَنَا فَأُهِلُّ بِالْحَجِّ، فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ» ، وَانْفَرَدَ وُهَيْبٌ فِي حَدِيثِهِ بِأَنْ قَالَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «فَإِنِّي لَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ» ، وَقَالَ الْآخَرُ: «لَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ» ، فَصَحَّ أَنَّهُ أَهَلَّ بِحَجٍّ، وَلَمْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْإِفْرَادُ لِلْحَجِّ بِلَا شَكٍّ، وَهَذَا مِنْ بَعْضِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قِيلَ لَهُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: لَيْسَ كَمَا ظَنَنْتَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ» ، إِنَّمَا أَرَادَ: بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ لَا حَجَّ مَعَهَا، هَذَا مَا لَا شَكَّ فِيهِ، لِمَا قَدْ بَيَّنَّا فِيمَا خَلَا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَمَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ بِأَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مَعًا، فَصَحَّ أَنَّ الْهَدْيَ لَمْ يَمْنَعْ حِينَئِذٍ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنَ -[445]- الْإِهْلَالِ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ، أَوْ بِحَجٍّ مُفْرَدٍ، هَذَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا، وَأَمَّا قَوْلُ حَمَّادٍ فِي حَدِيثِهِ: «فَإِنِّي أُهِلُّ بِالْحَجِّ» ، فَلَمْ يَقُلْ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِحَجٍّ مُفْرَدٍ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَبِعُمْرَةٍ مَعَ الْحَجِّ، بَلْ أَحَادِيثُ هَؤُلَاءِ زَائِدَةٌ عَلَى أَحَادِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ زِيَادَةً لَا يَحِلُّ تَرْكُهَا إِلَى شَيْءٍ لَا بَيَانَ فِيهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لَهَا، بَلْ مُوَافِقٌ لَهَا، فَصَارَ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ حُجَّةً عَلَى مَنِ ادَّعَى الْإِفْرَادَ فِي الْحَجِّ، وَصَحَّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ قَطُّ، لَكِنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، وَذَكَرَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ، وَزَادَ آخَرُونَ ثِقَاتٌ عَلَيْهِمْ فَضْلَ عِلْمٍ كَانَ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ ذَلِكَ الْحَجِّ عُمْرَةٌ مَقْرُونَةٌ مَعَهُ، وَهَذَا مَا لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ مُتَحَكِّمًا بِلَا دَلِيلٍ، وَاتَّفَقَتِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا وَانْتَفَى عَنْهَا التَّعَارُضُ، وَصَدَّقَ بَعْضُهَا بَعْضًا، لَا كَمَا يُرِيدُ خَصْمُنَا مِنْ أَنْ يُكَذِّبَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، وَهَذَا مَا لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. فَهَذَا وَجْهُ الرَّدِّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ لَاحَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ قَارِنًا، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَهَذَا الْوَجْهُ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الرَّدِّ ثُمَّ التَّنَازُعِ إِلَى الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ هُوَ الْحُكْمُ الَّذِي لَا يَجُوزُ تَعَدِّيهِ، وَلَكِنْ لِثِقَتِنَا بِوُضُوحِ الْحَقِّ؛ نُرِي الْخَصْمَ أَنَّهُ لَوِ اسْتَعْمَلَ سَائِرَ الْوُجُوهِ الَّتِي قَدَّمْنَا لَشَهِدَتْ كُلُّهَا بِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَارِنًا، وَذَلِكَ أَنَّنَا نَقُولُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: أَمَّا مَنْ ذَهَبَ إِلَى إِسْقَاطِ الْمُتَعَارَضِ مِنَ الرِّوَايَاتِ وَالْأَخْذِ بِمَا لَمْ يَتَعَارَضْ مِنْهَا، فَوَجْهُ عِلْمِهِ فِي هَذَا أَنْ نَقُولَ: إِنَّ كُلَّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ الْإِفْرَادُ قَدِ اضْطَرَبَتْ عَنْهُ الرِّوَايَةُ، وَرُوِيَ عَنْ جَمِيعِهِمُ الْقِرَانُ، وَهُمْ -[446]- عَائِشَةُ وَجَابِرٌ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَاتِ عَنْهُمْ بِذَلِكَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ، وَوَجَدْنَا أَيْضًا عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ، وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَدْ رُوِيَ عَنْهُمُ التَّمَتُّعُ، وَرُوِيَ عَنْهُمُ الْقِرَانُ، وَوَجَدْنَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ حَفْصَةَ وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ لَمْ تَضْطَرِبِ الرِّوَايَةُ عَنْهُمْ، وَلَا اخْتَلَفَتْ عَنْهُمْ فِي أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ قَارِنًا، فَنُنَزِّلُ رِوَايَةَ كُلَّ مَنِ اضْطُرِبَ عَنْهُ، وَنَرْجِعُ إِلَى رِوَايَةِ مَنْ لَمْ يُضْطَرَبْ عَنْهُ، وَلَيْسَتْ إِلَّا رِوَايَةَ مَنْ رَوَى الْقِرَانَ خَاصَّةً، كَحْفَصَةَ وَالْبَرَاءِ وَأَنَسٍ. هَذَا وَجْهُ الْعَمَلِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى إِسْقَاطَ مَا تَعَارَضَ مِنَ الرِّوَايَاتِ وَالْأَخْذَ بِمَا لَمْ يَتَعَارَضْ مِنْهَا، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ عُثْمَانَ، وَسَعْدًا لَمْ يُرْوَ عَنْهُمَا شَيْءٌ، غَيْرَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مُتَمَتِّعًا، قِيلَ لَهُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: إِنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَعَلِيًّا، وَعِمْرَانَ وَابْنَ عُمَرَ قَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مُتَمَتِّعًا، ثُمَّ لَمَّا فَسَّرُوا ذَلِكَ التَّمَتُّعَ، ذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَهَذَا هُوَ الْقِرَانُ، فَوَجَدْنَاهُمْ قَدْ سَمَّوُا الْقِرَانَ تَمَتُّعًا، وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْهُمْ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَوْرَدْنَا آنِفًا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ عُثْمَانُ، وَسَعْدٌ عَنِيَا أَيْضًا بِالتَّمَتُّعِ الْقِرَانَ، كَمَا فَعَلَتْ عَائِشَةُ وَعَلِيٌّ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعِمْرَانُ، فَكَمَا احْتُمِلَ ذَلِكَ، وَكَانَتْ رِوَايَةُ حَفْصَةَ وَالْبَرَاءِ وَأَنَسٍ فِي الْقِرَانِ لَا تَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا أَصْلًا، وَالَّتِي هِيَ الْغَايَةُ فِي الْبَيَانِ، وَهَكَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا فِي -[447]- حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا قَدْ ذَكَرْنَاهَا، وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَهُ فِي فَصْلٍ مُفْرَدٍ لَهُ، وَكَحَدِيثِ عَلِيٍّ إِذْ أَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلِيًّا بِالْبَقَاءِ عَلَى إِحْرَامِهِ، وَأَمَرَ أَبَا مُوسَى بِفَسْخِ إِحْرَامِهِ بِعُمْرَةٍ، وَكِلَاهُمَا أَهَلَّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَذَكَرْنَا أَنَّ ذَلِكَ مَنْصُوصٌ فِي الْحَدِيثِ نَفْسِهِ، وَأَنَّ عَلِيًّا كَانَ سَاقَ الْهَدْيَ، وَأَنَّ أَبَا مُوسَى، وَعُثْمَانُ، وَسَعْدًا لَا مُتَعَلَّقَ فِيهَا لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْإِفْرَادِ أَصْلًا، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مُتَمَتِّعًا، وَقَدْ سَقَطَ تَعَلُّلُ أَصْحَابِ الْإِفْرَادِ جُمْلَةً، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَأَمَّا مِنْ ذَهَبَ إِلَى الْأَخْذِ بِالزَّائِدِ وَهُوَ وَجْهٌ يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ إِذَا كَانَتِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا أَوِ الْأَفْعَالُ كُلُّهَا مَنْسُوبَةً إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ تَكُنْ مَوْقُوفَةً عَلَى غَيْرِهِ مِنْ دُونِهِ وَلَا تَنَازُعًا مِمَّنْ سِوَاهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَوَجْهُ الْعَمَلِ فِي هَذَا أَنْ نَقُولَ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: إِنَّا وَجَدْنَا مَنْ رَوَى الْإِفْرَادَ، إِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْإِهْلَالِ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ دُونَ عُمْرَةٍ مَعَهُ، وَوَجَدْنَا مَنْ رَوَى التَّمَتُّعَ إِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْإِهْلَالِ بِعُمْرَةٍ وَحْدَهَا دُونَ حَجٍّ مَعَهَا، وَوَجَدْنَا مَنْ رَوَى الْقِرَانَ قَدْ جَمَعَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا، فَزَادَ عَلَى ذِكْرِ الْحَجِّ وَحْدَهُ عُمْرَةً وَزَادَ عَلَى مَنْ ذَكَرَ الْعُمْرَةَ وَحْدَهَا حَجًّا، وَكَانَتْ هَذِهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ لَمْ يَذْكُرْهَا الْآخَرُونَ، وَزِيَادَةَ حِفْظٍ وَنَقْلٍ عَلَى كِلْتَا الطَّائِفَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ، وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ -[448]- مَقْبُولَةٌ وَوَاجِبٌ الْأَخْذُ بِهَا. فَوَجَبَ بِهَذَا أَيْضًا أَنْ يُصْدَرَ إِلَى رِوَايَةِ مَنْ رَوَى الْقِرَانَ دُونَ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى غَيْرَ ذَلِكَ، وَأَيْضًا فَالَّذِينَ رَوَوُا الْقِرَانَ زَادُوا زِيَادَةً لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ تَرْكُهَا، وَهِيَ أَنَّهُمْ حَكَمُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ لَفْظِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ غَيْرُهُمْ، فَوَجَبَ أَلَّا يُلْتَفَتَ إِلَى لَفْظِ أَحَدٍ بَعْدَ لَفْظِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَمَّا تَأْلِيفُ الْأَحَادِيثِ عَلَى حَسَبِ مَا يُمْكِنُ، فَإِنَّا نَقُولُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: إِنَّهُ لَمْ يَرْوِ لَفْظَ الْإِفْرَادِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَّا عُرْوَةُ وَالْقَاسِمُ وَرَوَى عَنْهَا الْقِرَانَ عُرْوَةُ أَيْضًا وَمُجَاهِدٌ، فَعُرْوَةُ كَمَا تَرَى مُضْطَرَبٌ عَنْهُ، يَرْوِي أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْهُ الْإِفْرَادَ، وَيَرْوِي الزُّهْرِيُّ عَنْهُ الْقِرَانَ، وَلَيْسَ مُجَاهِدٌ دُونَ قَاسِمٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ رَدِّ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا رِوَايَةَ مَنْ رَوَى عَنْهُمَا الْقِرَانَ لَا تَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا أَصْلًا؛ لِأَنَّهَا حِكَايَةٌ طَوِيلَةٌ وَعَمَلٌ مَوْصُوفٌ لَا مَسَاغَ لِلتَّأْوِيلِ فِيهِ إِلَّا تَكْذِيبَ الرَّاوِي إِذْ لَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ الْوَصْفِ مِمَّا يُغَلَّطُ فِيهِ بِشَيْءٍ غَيْرِ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ، وَلَيْسَ مَنْ كَذَّبَ عَقِيلًا بِأَوْلَى مِمَّنْ كَذَّبَ أَبَا الْأَسْوَدِ، وَلَا مَنْ كَذَّبَ مُجَاهِدًا بِأَسْهَلَ ذَنْبًا مِمَّنْ كَذَّبَ الْقَاسِمَ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، بَلْ هُمْ كُلُّهُمُ الثِّقَاتُ الْمَشَاهِيرُ الْفُضَلَاءُ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّأْلِيفِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَتَصْدِيقِ كِلَيْهِمَا. فَإِذْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَتْ رِوَايَةُ مَنْ وَصَفَ عَمَلَ الْقِرَانِ لَا تَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا، وَكَانَتْ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى الْإِفْرَادَ تَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَفْرَدَ الْحَجَّ، أَيْ لَمْ يَحُجَّ بَعْدَ فَرْضِ الْحَجِّ إِلَّا حَجَّةً فَرْدَةً لَمْ يُثَنِّهَا بِأُخْرَى -[449]-، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سَمِعَتْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُلَبِّي بِالْحَجِّ، فَرَوَتْهُ وَلَمْ تَسْمَعْ ذِكْرَ الْعُمْرَةِ، فَلَمْ تَرْوِ مَا لَمْ تَسْمَعْ، ثُمَّ صَحَّ عِنْدَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَرَنَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ كَمَا رَوَى عَنْهَا عُرْوَةُ، وَمُجَاهِدٌ، وَأَمَّا عَمْرَةُ، وَالْأَسْوَدُ فَلَمْ يَرْوِيَا عَنْهَا لَفْظَ الْإِفْرَادِ، وَإِنَّمَا رَوَيَا عَنْهَا: أَهَلَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْحَجِّ، وَلَيْسَ فِي رِوَايَتِهِمَا عَنْهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَهَلَّ بِالْحَجِّ؛ شَيْءٌ يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا، وَلَا فِيهِ أَيْضًا ذِكْرُ إِهْلَالٍ بِعُمْرَةٍ أَصْلًا، فَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ، وَالْأَسْوَدِ مَا يُوجِبُ الْإِفْرَادَ، وَلَا مَا يُخَالِفُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى عَنْهَا الْقِرَانَ، وَإِنَّمَا فِيهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ بَعْضِ مَا اسْتَوْعَبَهُ بَعْضُ مَنْ رَوَى عَنْهَا الْقِرَانَ، فَإِذَا أَضَفْتَ إِلَى رِوَايَةِ عَمْرَةَ، وَالْأَسْوَدِ عَنْهَا رِوَايَةَ مُجَاهِدٍ عَنْهَا، وَاجْتَمَعَ الْأَمْرَانِ صَحَّ الْقِرَانُ يَقِينًا، وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي مَا رُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ، مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهَا فِي بَابِ فَسْخِ الْحَجِّ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مِنْ قَوْلِهَا: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّاجًا، وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ عَنْهَا: مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، فَإِنَّمَا عَنَتْ أَصْحَابَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا إِهْلَالَهُ، وَلَمْ تُضِفْ أَيْضًا أَنَّهُ قَرَنَ إِلَى الْحَجِّ عُمْرَةً، فَقَوْلُ مَنْ زَادَ أَوْلَى، وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الرِّوَايَةِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ سَوَاءً سَوَاءً، بَلْ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ بَيَانٌ -[450]- يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ عَنِ الْإِفْرَادِ
اسم الکتاب :
حجة الوداع
المؤلف :
ابن حزم
الجزء :
1
صفحة :
444
««الصفحة الأولى
«الصفحة السابقة
الجزء :
1
الصفحة التالیة»
الصفحة الأخيرة»»
««اول
«قبلی
الجزء :
1
بعدی»
آخر»»
صيغة PDF
شهادة
الفهرست
إن مکتبة
مدرسة الفقاهة
هي مكتبة مجانية لتوثيق المقالات
www.eShia.ir