responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 384
مُؤْثِرٌ، وَإِلَيْهِ نَاظِرٌ، وَلَهُ ذَاكِرٌ، فَيُحِبُّ أَنْ يَكُونَ حَبِيبُهُ لَهُ كَمَا هُوَ لِحَبِيبِهِ، وَالْعَبْدُ لَا يُطِيقُ ذَلِكَ، وَلَا يَهْتَدِي إِلَيْهِ، فَهُوَ تَعَالَى يَفْعَلُ بِهِ مَا يُرِيدُ مِنْهُ أَنْ يَفْعَلَهُ تَعَالَى. اللَّهُ أَكْبَرُ الْكَرِيمُ اللَّطِيفُ الْعَلِيمُ

ح أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ قَالَ: ح إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ: ح أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ: ح يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: ح رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِضَى اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ , قَالَ: «إِنَّ §الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصِيَامٍ وَصَلَاةٍ وَصَدَقَةٍ وَيَأْتِي وَقَدْ ظَلَمَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا , وَضَرَبَ هَذَا، وَشَتَمَ هَذَا، فَيَقْعُدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الَّذِي عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَأِ، أَخَذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ وَطُرِحْنَ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ» قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنْكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُتَعَلِّقَةِ الَّذِينَ اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِعْجَابًا بِرَأْيِهِمْ، وَحُكْمًا عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُقُولٍ ضَعِيفَةٍ، وَأَفْهَامٍ سَخِيفَةٍ، فَقَالُوا: لَا يَجُوزُ فِي حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَدْلِهِ أَنْ يَضَعَ سَيِّئَاتِ مَنِ اكْتَسَبَهَا عَلَى مَنْ لَمْ يَكْتَسِبْهَا، وَيَأْخُذَ حَسَنَاتِ مَنْ عَمِلَهَا فَيُعْطِي لِمَنْ لَمْ يَعْمَلْهَا، وَهَذَا جَوْرٌ، زَعَمُوا وَأَوَّلُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [آل عمران: 164] ، {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 117] وَأَمْثَالُهَا مِنَ الْآيَاتِ عَلَى مَا قَالُوهُ. فَقَالُوا: قَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا الْحَدِيثُ، وَهُوَ يُخَالِفُ ظَاهِرَ الْكِتَابِ، وَيَسْتَحِيلُ فِي الْعَقْلِ، وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَبْنِ أُمُورَ الدِّينِ عَلَى عُقُولِ الْعِبَادِ، وَلَمْ يَعِدْ، وَلَمْ يُوعِدْ بِمَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ مَا يَحْتَمُلُهُ عُقُولُهُمْ وَيُدْرِكُونَهُ بِأَفْهَامِهِمْ وَيَقْتَبِسُونَهُ بِآرَائِهِمْ، بَلْ وُعِدُوا وَعْدًا بِمَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ، وَأَمَرَ وَنَهَى بِحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ، وَلَوْ كَانَ كُلُّ مَا يُدْرِكُهُ الْعُقُولُ مَرْدُودًا لَكَانَ أَكْثَرُ الشَّرَائِعِ مُسْتَحِيلًا عَلَى مَوْضُوعِ عُقُولِ الْعِبَادِ، وَذَلِكَ -[385]- أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ الْغُسْلَ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ الَّذِي هُوَ طَاهِرٌ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ وَبَعْضِ الصَّحَابَةِ، وَكَثِيرٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْأُمَّةِ، وَأَوْجَبَ غَسْلَ الْأَطْرَافِ مِنَ الْغَائِطِ الَّذِي لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأُمَّةِ وَسَائِرِ مَنْ يَقُولُ بِالْعَقْلِ مِنْ غَيْرِهَا عَلَى نَجَاسَتِهِ وِقَذَارَتِهِ وَنَتْنِهِ، وَأَوْجَبَ بِرِيحٍ يَخْرُجُ مِنْ مَوْضِعِ الْحَدَثِ مَا أَوْجَبَهُ بِخُرُوجِ الْغَائِطِ الْكَثِيرِ الْفَاحِشِ، فَبِأَيِّ عَقْلٍ يَسْتَقِيمُ هَذَا، وَبِأَيِّ رَأْيٍ يَجِبُ مُسَاوَاةُ رِيحٍ لَيْسَ لَهَا عَيْنٌ قَائِمَةٌ لِمَا يَقُومُ عَيْنُهُ، وَيَزِيدُ عَلَى الرِّيحِ نَتْنًا وَقَذَارَةً إِلَى هَذِهِ، وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى قَطْعَ يَمِينِ مُؤْمِنٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَدُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ سَوَّى بَيْنَ هَذَا الْقَدْرِ مِنَ الْمَالِ وَبَيْنَ مِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، فَيَكُونُ الْقَطْعُ فِيهِمَا سَوَاءً، وَأَعْطَى اللَّهُ تَعَالَى لِلْأُمِّ مِنْ وَلَدِهَا الثُّلُثَ، ثُمَّ إِنْ كَانَ لِلْمُتَوَفَّى إِخْوَةٌ جَعَلَ لَهَا السُّدُسَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرِثَ الْإِخْوَةُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَبِأَيِّ عَقْلٍ يُدْرَكُ هَذَا إِلَّا تَسْلِيمًا وَانْقِيَادًا، وَلَوْ تَتَبَّعْنَا كَثِيرًا مِنَ الْأَحْكَامِ كَانَ سَبِيلُهَا مَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ، وَعَدَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ مِنَ الثَّوَابِ الْجَزِيلِ، وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ عَلَى مَا أَحْدَثَ فِي الْعَبْدِ وَخَلَقَهُ وَأَوْجَدَهُ مِنْ عَدَمٍ، وَأَعَانَ عَلَيْهِ بِإِجْمَاعٍ فَضْلًا مِنْهُ وَكَرَمًا، وَهُوَ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ، وَأَوْعَدَ عَلَى مَا أَوْجَدَهُ مِنَ الْعَبْدِ، وَخَلَقَهُ فِيهِ وَأَحْدَثَ لَاسْتِطَاعَتِهِ لَهُ عِنْدَنَا، وَلَمْ يَعْصِمْ مِنْهُ بِإِجْمَاعٍ بِجُرْمٍ مُنْقَطِعٍ لَا يَضُرُّهُ وَلَا يُؤْثِرُهُ عِقَابًا لَا يَحْتَمِلُ الْعُقُولُ فِكْرَهَ فِيهِ، وَإِدْرَاكًا لَهُ مِنْ شِدَّةِ أَلَمِهِ وَفَظِيعِ أَمْرِهِ، وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ إِحْبَاطُ عَمَلِهِ سَبْعِينَ سَنَةً وَأَكْثَرَ وَطَاعَةُ مِائَةِ سَنَةٍ وَأَكْثَرَ بِسَرِقَةِ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ، أَوْ عَشَرَةٍ أَوْ قَذْفِ مُحْصَنٍ أَوْ مُحْصَنَةٍ. ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ الْمَقْذُوفَ وَلَا قَدَحَ فِيهِ، وَالتَّأْبِيدُ فِي النَّارِ وَالْعَذَابُ الشَّدِيدِ عَلَى شُرْبِ جُرْعَةٍ مِنْ خَمْرٍ مَعَ إِيمَانٍ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْخَوْفِ مِنْهُ، وَالطَّاعَةِ لَهُ فِي مُدَّةِ سَبْعِينَ سَنَةً مَعَ فِرْعَوْنَ الَّذِي بَارَزَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ لِنَفْسِهِ، وَقَتَلَ أَنْبِيَاءَهُ، وَأَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ، بِأَيِّ عَقْلٍ يَسْتَقِيمُ هَذَا، وَبِأَيِّ حِكْمَةٍ مِنْ أَوْصَافِ الْعِبَادِ تُوجِبُ هَذَا وَقَدِ اسْتَسْلَمَ الْمُتَعَقِّلُ لِذَلِكَ إِنْ كَانَ مُعْتَقِدًا لِلْإِيمَانِ، وَانْقِيَادًا لَهُ، وَجَوَّزَ ذَلِكَ فِي حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَمْ يُحَكِّمْ فِيهِ عَقْلَهُ، فَكَيْفَ لَا يَجُوزُ طَرْحُ السَّيِّئَاتِ عَلَى مَنْ لَمْ يَكْتَسِبْهَا، وَسَلْبُ الْحَسَنَاتِ مِمَّنْ عَمِلَهَا، وَدَفْعُهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَعْلَمْهَا، وَهَذَا أَهْوَنُ مِمَّا جَوَّزَهُ، وَأَيْسَرُ مِمَّا اسْتَسْلَمَ لَهُ، عَلَى أَنَّا نَرَى جَوَازَ ذَلِكَ فِي عَقْلِ هَذَا الْمُتَعَقِّلِ فَيَقُولُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْعَدَ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّا نَهَى عَنْهُ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْوَعِيدِ فِي الْآخِرَةِ، وَأَلْوَانٍ مِنَ الْعُقُوبَاتِ فِي الدُّنْيَا كَالرَّجْمِ فِي الزِّنَا بَعْدَ الْإِحْصَانِ، وَجَلْدِهِ مِائَةً لِمَنْ لَمْ يُحْصِنْ، وَالْقَطْعِ لِلسَّارِقِ وَتَعْزِيرِ الْمُخْتَلِسِ وَالْمُنْتَهِبِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْحُدُودِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الدُّنْيَا، وَمَا أَوْعَدَهُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} [النساء: 10] ، وَفِي أَكْلِ الرِّبَا {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: 275] ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ {الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34] ، إِلَى قَوْلِهِ {فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ} [التوبة: 35] ، فَكَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِعُقُوبَاتِ هَذِهِ الْجِنَايَاتِ كَذَلِكَ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُقُوبَةِ الظَّالِمِ لِلْمُسْلِمِينَ بِأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ، وَضَرْبِ أَبْشَارِهِمْ، وَشَتْمِ أَعْرَاضِهِمْ، أَنَّهُمْ يُعَاقَبُونَ بِالْعُقُوبَاتِ الَّتِي أَوْعَدَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَعَدَّهَا لِلْخَطَايَا الَّتِي اكْتَسَبَهَا الْمَظْلُومُ، فَعَاقَبَ الظَّالِمَ بِتِلْكَ الْعُقُوبَاتِ فَتَكُونُ تِلْكَ الْعُقُوبَاتُ بِمَا اكْتَسَبَ مِنَ الظُّلْمِ الَّذِي نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ عِقَابًا لِفِعْلٍ اكْتَسَبَهُ كَانَ قَدْ نُهِيَ عَنْهُ فَلَمْ يَنْتَهِ، فَعَاقَبَهُ بِتِلْكَ الْعُقُوبَةِ، وَأَحْبَطَ حَسَنَاتِهِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يُثِبْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ ثَوَابَهَا اسْتُحِقَّتْ عَلَيْهِ فَيَكُونُ كَمَنِ اكْتَسَبَ مَالًا فِي الدُّنْيَا فَجَمَعَ مِنْهُ، وَكَانَتْ عَلَيْهِ دُيُونٌ فَأَخَذَ مَا جَمَعَ أَرْبَابُ الدُّيُونِ فَلَمْ يَبْقَ فِي يَدَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، كَذَلِكَ مَا اكْتَسَبَ هَذَا الظَّالِمُ مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَصَدَقَةٍ فَاسْتَحَقَّ ثَوَابَهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَكَانَتْ تَحْصُلُ لَهُ , لَوْلَا مَا جَنَى مِنْ تِلْكَ الْمَظَالِمِ، فَلَمَّا قُوبِلَتْ حَسَنَاتُهُ بِسَيِّئَاتِهِ بِتِلْكَ الْمَظَالِمِ، وَلَوْلَا حَسَنَاتُهُ مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَصَدَقَةٍ لَكَانَ يُعَاقَبُ عَلَى مَظَالِمِهِ بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ لِلظَّالِمِينَ، فَيَكُونُ هَذِهِ الْحَالُ وَهَذَا الْفِعْلُ مِنَ اللَّهِ بِهِ نَوْعًا مِنَ الْعُقُوبَةِ الَّتِي أَعَدَّهَا اللَّهُ تَعَالَى لِلظَّالِمِينَ عَلَى ظُلْمِهِمْ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ كَمَا زَعَمَ هَذَا الزَّاعِمُ أَنَّهُ يُعَاقَبُ بِمَا لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الذَّنْبِ بَلْ عُوقِبَ بِذَنْبٍ اكْتَسَبَهُ، وَمَعْصِيَةٍ عَمِلَهَا، وَكَانَ ثَوَابُ حَسَنَاتِ الظَّالِمِ جَزَاءً لِلْمَظْلُومِ فِيمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ، وَثَوَابًا عَلَى صَبْرِهِ عِنْدَمَا ظُلِمَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: 43] فَيَكُونُ ذَلِكَ الثَّوَابُ ثَوَابًا عَلَى مَا اكْتَسَبَهُ مِنْ صَبْرِهِ وَفَضْلًا زَادَهُ اللَّهُ مِنْ عِنْدِهِ، فَهَذَا قَدْ أُثِيبَ عَلَى مَا عَمِلَهُ، وَالظَّالِمُ عُوقِبَ عَلَى فِعْلِهِ، وَمَعْنَى أَخْذِ الْحَسَنَاتِ وَطَرْحِ السَّيِّئَاتِ نَوْعٌ مِنَ الْعُقُوبَةِ الَّتِي أَعَدَّهَا اللَّهُ تَعَالَى لِلظَّالِمِينَ، فَقَدْ وَزِرَ هَذَا الْوَازِرُ وِزْرَهُ، وَلَا وِزْرَ غَيْرِهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32]

- §حَدِيثٌ آخَرُ

اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 384
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست