responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 34
§حَدِيثٌ آخَرُ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ح إِسْمَاعِيلُ بْنُ تَوْبَةَ قَالَ: ح عَفِيفُ بْنُ سَالِمٍ الْمَوْصِلِيُّ، عَنْ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ ضِرَارِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ تَعَالَى عَبْدًا صَبَّ عَلَيْهِ الْبَلَاءَ صَبًّا، وَسَحَبَهُ عَلَيْهِ سَحْبًا، فَإِذَا دَعَا، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: صَوْتٌ مَعْرُوفٌ، وَقَالَ جِبْرِيلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: يَا رَبِّ عَبْدُكَ فُلَانٌ، اقْضِ لَهُ حَاجَتَهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: دَعُوا عَبْدِي، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ صَوْتَهُ، فَإِذَا قَالَ: يَا رَبِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَبَّيْكَ عَبْدِي، وَسَعْدَيْكَ، لَا تَدْعُونِي بشَيْءٍ إِلَّا اسْتَجَبْتُ لَكَ، وَلَا تَسْأَلُنِي شَيْئًا إِلَّا أَعْطَيْتُكَ، إِمَّا أَنْ أُعَجِّلَ لَكَ مَا سَأَلْتَ، وَإِمَّا أَنْ أَدَّخِرَ لَكَ عِنْدِي أَفْضَلَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ أَدْفَعَ عَنْكَ مِنَ الْبَلَاءِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ " -[35]- قَالَ فِي الْحَدِيثِ: «لَا تَدْعُونِي لشَيْءٍ إِلَّا اسْتَجَبْتُ لَكَ» ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] وَقَالَ بَعْضُ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ: الْإِجَابَةُ نَوْعَانِ، قَدْ يَكُونُ بِالْمُرَادِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ، وَالِاسْتِجَابَةُ لَيْسَ إِلَّا إِجَابَةٌ عَنِ الْمُرَادِ، فَقَدْ صَحَّ قَوْلُ أَصْحَابِ الْمَعَانِي: أَنَّ هَذِهِ السِّينَ تَقُومُ مَقَامَ الْقَسَمِ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ، فَمَا ظَنُّكَ إِذَا أَكَّدَ بِالْقَسَمِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: " أَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ قُلْ لِظَلَمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: لَا تَدْعُونِي، فَإِنِّي آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ لَا يَدْعُونِي أَحَدٌ إِلَّا أَجَبْتُهُ، وَإِنَّهُمْ إِنْ دَعَوْنِي أَجَبْتُهُمْ بِاللَّعْنَةِ " هَذَا مَعْنَى الرَّاوِيَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِلَفْظِهِ، فَقَدْ أَخْبَرَ أَنْهُ يُجِيبُ مَنْ دَعَاهُ، وَكَفَى بِهِ شَرَفًا أَنْ تَدَعُوَهُ فَيُجِيبَكَ، فَأَمَّا السُّؤَالُ فَقَدْ شَرَطَ الِاخْتِيَارَ لَكَ، كَمَا قَالَ: «إِمَّا أَنْ أُعَجِّلَ لَكَ، أَوْ أَدَّخِرَ، أَوْ أَدْفَعَ عَنْكَ» ، فَحَسْبُكَ شَرَفًا أَنْ يَخْتَارَ لَكَ مَوْلَاكَ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَأَنْ تُمْنَعَ مَا سَأَلْتَ أَعْظَمُ وَأَشْرَفُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: «أَوْ أَدَّخِرَ لَكَ عِنْدِي» هَاهْ لَوْ عَلِمْتَ قَوْلَهُ: «عِنْدِي» لَهَانَ عَلَيْكَ أَنْ يُسْلَخَ جِلْدُكَ وَأَنْتَ حَيٌّ، فَكَيْفَ بِمَا صَرَفَ عَنْكَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: «مَا يُسْأَلُ اللَّهُ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا» ، أَمَّا الْعَفْوُ: فَأَنْ يَخْتَصَّكَ لِنَفْسِهِ، وَيُسِرَّكَ عَنْ غَيْرِهِ، فَيُعَفَّى عَلَى أَثَرِكَ، فَلَا يُفْطَنَ بِكَ، وَلَا يُعْرَفَ مَذْهَبُكَ، فَيَفُوتَ عَدُوُّكَ إِنْ أَرَادَكَ وَسَائِرُ الْخَلْقِ أَنْ يَفْتِنُوكَ، وَنَفْسُكَ أَنْ يُطَالِبَكَ بِحُظُوظِهَا. وَالْعَافِيَةُ أَنْ يَعْصِمَكَ عَمَّا سِوَاهُ، فَلَا يَكُونُ لَكَ إِلَى غَيْرِهِ رُجُوعٌ، وَلَا إِلَى سِوَاهُ نَظَرٌ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: الدُّعَاءُ مِثْلُ قَوْلِهِ: يَا اللَّهُ، يَا رَحْمَنُ، فَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا دَعَاهُ، وَوَصَفَهُ كَمَا هُوَ لَمْ يُحْرَمِ الْإِجَابَةَ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] ، وَأَمَّا الْكُفَّارُ إِذَا دَعَوْا فَلَمْ يَصِفُوهُ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، فَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِجَابَةَ تَكُونُ اللَّعْنَةَ، وَلِلْمُؤْمِنِينَ لَبَّيْكَ. وَقَوْلُهُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» ، لَا يَكُونُ دُعَاءً، وَإِنَّمَا هُوَ سُؤَالٌ، وَالسُّؤَالُ غَيْرُ الدُّعَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست