responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 309
وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ رِضَى اللَّهُ عَنْهَا: §مَا رَأَيْتُ -[310]- رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْتَصِرًا مِنْ مَظْلِمَةٍ قَطُّ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا انْتُهِكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَانَ أَشَدَّهُمْ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، قَالَ: ح يَحْيَى قَالَ: ح يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي قَيْسٌ، وَحَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رِضَى اللَّهُ عَنْهَا

وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ رِضَى اللَّهُ عَنْهَا وَسَمِعَهَا تَدْعُو عَلَى سَارِقٍ سَرَقَهَا، فَقَالَ: " §لَا تَسْتَجْنِي عَنْهُ بِدُعَائِكِ عَلَيْهِ رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ رِضَى اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفَسَّرَ أَبُو عُبَيْدٍ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَسْتَجْنِي» لَا تُخَفِّفِي عَنْهُ، فَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «لَا تَسْتَجْنِي عَنْهُ» زَجْرٌ لَهَا عَنِ الِانْتِقَامِ وَالِانْتِصَارِ مِنَ السَّارِقِ غَيْرَ أَنَّهُ أَتَاهَا مِنْ أَلْطَفِ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي أَوَّلِ مَا أَصَابَهَا فَثَقُلَتْ لِذَلِكَ وَأَرْمَضَتْ فَخَشِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ إِنْ سَأَلَهَا أَنْ لَا تَدْعُوَ عَلَى سَارِقَهَا وَتَعْفُوَ عَنْهُ لَمْ تَسْنَحْ نَفْسُهَا لِذَلِكَ، وَلَمْ تُطَاوِعْهَا، فَأَخْبَرَهَا أَنَّهَا تُخَفِّفُ عَنْهُ بِدُعَائِهَا عَلَيْهِ، وَهِيَ تَرَى أَنَّهَا تُقْبِلُ عَلَيْهِ، وَتُرِيدُ الِانْتِقَامَ مِنْهُ بِأَغْلَظِ الْعُقُوبَةِ وَأَشَدِّ الْعَذَابِ، فَقَالَ لَهَا: تُرِيدِينَ التَّغْلِيظَ وَأَنْتِ تُخَفِّفِينَ بِدُعَائِكِ عَلَيْهِ عَنْهُ لِتَطِيبَ نَفْسُهَا بِتَرْكِ الدُّعَاءِ عَلَيْهِ، وَلَا تَدْعُوَ عَلَيْهِ، وَهِيَ إِذَا تَرَكَتِ الدُّعَاءَ عَلَيْهِ وَالتَّتَبُّعَ لَهُ وَأَخْذَ الظُّلَامَةِ مِنْهُ فَقَدْ عَفَتْ عَنْهُ فَوَجَبَ أَجْرُهَا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَأَشْفَقَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا فَأَحَبَّ أَنْ لَا يُحَرَّمُ أَجْرُهَا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالشَّفَقُ عَلَى سَارِقِهَا أَنْ يُؤَاخَذَ بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهَا بِدُعَائِهَا عَلَيْهِ فَصَرَفَهَا عَنِ الِانْتِقَامِ وَالِانْتِصَارِ بِأَلْطَفِ الْوُجُوهِ، وَدَعَا إِلَى الْعَفْوِ الَّذِي أَحَبَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وَلَيْسَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَسْتَجْنِي عَنْهُ» كَرَاهَةَ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُ بَلْ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْعَفْوِ وَنَدْبٌ إِلَى التَّجَاوُزِ، وَكَيْفَ يَكْرَهُ التَّخْفِيفَ عَنِ الظَّالِمِ، وَهُوَ إِلَى ذَلِكَ يَدْعُو إِلَيْهِ وَيَحُثُّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا عَفَا رَجُلٌ عَنْ مَظْلِمَةٍ إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ بِهَا عِزًّا» يَتْلُو عَلَيْهَا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] ، وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {إِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى: 37] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى {ولَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: 43]

اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 309
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست