responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 299
§حَدِيثٌ آخَرُ

- ح خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ح إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَعْقِلٍ قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ح عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ فَقَالَ: §«تَنَامُ عَيْنِي وَلَا يَنَامُ قَلْبِي» وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ عَنْ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ، فَقَالَ: وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمَةٌ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ، وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَسَائِطُ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَعِبَادِهِ يُبَلِّغُونَهُمْ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوَامِرَهُ وَنَوَاهِيَهُ فَظَوَاهِرُهُمْ مُوَافِقَةٌ لِأَوْصَافِ الْبَشَرِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} [الكهف: 110] ، وَبَوَاطِنُهُمْ مَحْمُولَةٌ بِأَوْصَافِ الْحَقِّ عَنْ أَوْصَافِ الْبَشَرِيَّةِ، إِذْ لَوْ كَانَتْ ظَوَاهِرُهُمْ بِخِلَافِ أَوْصَافِ الْبَشَرِيَّةِ لَمْ يُطِقِ النَّاسُ مُقَاوَمَتَهُمْ وَالْقُبُولَ عَنْهُمْ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا قَالَ الْمُشْرِكُونَ {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا} [الفرقان: 21] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ} [الفرقان: 22] ، أَيْ أَنَّهُمْ إِنْ رَأَوْهُمْ مَاتُوا، وَإِذَا مَاتُوا عَلَى شِرْكِهِمْ فَلَا بُشْرَى لَهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَقَالَ {لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا} [الإسراء: 95] ، فَأَخْبَرَ أَنَّ الْبَشَرَ لَا يُطِيقُ مُقَاوَمَةَ الْمَلَكِ فَكَيْفَ يُطِيقُ أَوْصَافَ الْحَقِّ وَتَجَلِّيَهُ -[300]-، وَكَيْفَ يُطِيقُونَ كَلَامَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر: 21] ، وَقَالَ {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: 5] ، فَلَوْ كَانَتْ أَسْرَارُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ كَظَوَاهِرِهِمْ لَتَلَاشَتْ وَانَّحْلَتْ مِنْ قُوَاهَا عِنْدَ تَجَلِّي أَوْصَافِ الْحَقِّ لَهَا، وَلَوْ كَانَتْ ظَوَاهِرُهُمْ كَبَوَاطِنِهِمْ لَمْ يُقَاوِمِ الْبَشَرُ أَوْصَافَهَا وَلَمْ يُطَقِ الْقَبُولُ عَنْهَا، فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى ظَوَاهِرَهُمْ بَشَرِيَّةً جِنْسِيَّةً لِيُطِيقَ الْبَشَرُ الْقَبُولَ عَنْهُمْ لِمُشَاكَلَةِ الْجِنْسِ، وَبَوَاطِنَهُمْ خَفِيَّةً وَمَلَكِيَّةً عَرْشِيَّةً عُلْوِيَّةً يُطِيقُ حَمْلَ مَا يَرِدُ عَلَيْهَا وَيُكَاشَفُ لَهَا، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11] ، وَقَالَ {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم: 17] ، فَوَصَفَ عَزَّ وَجَلَّ بَاطِنَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِفَةَ الْقُوَّةِ لِرُؤْيَةِ مَا عَجَزَ الْبَصَرُ عَنْهُ فَكَانَتْ ظَوَاهِرُ الْأَنْبِيَاءِ بَشَرِيَّةً يَطْرُقُهَا الْآفَاتُ وَتَحُلُّهَا الْعَاهَاتُ، وَيَجْرِي عَلَيْهَا التَّلْوِينُ مِنْ ضَعْفٍ وَقُوَّةٍ وَآفَةٍ وَمَلَامَةٍ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشُجَّ وَجْهُهُ. وَقَالَ: «إِنِّي قَدْ بَدُنْتُ فَلَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» أَيْ كَبِرْتُ، وَتَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ لِطُولِ الْقِيَامِ، وَكُلُّ هَذِهِ آفَاتٌ لَحِقَتْ ظَاهِرَهُ، ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ بَاطِنِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ الصِّفَةِ. وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا تَطْرُقُهُ الْآفَاتُ، وَتَحُلُّهُ الْعَاهَاتُ، وَلَا تَجْرِي عَلَيْهِ مَا يَجْرِي عَلَى ظَاهِرِهِ، فَقَالَ: «تَنَامُ عَيْنَايَ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي» وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَرَاكُمْ وَرَاءَ ظَهْرِي»

اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 299
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست