responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 269
§حَدِيثٌ آخَرُ

- حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَرَوَيْهِ الرَّازِيُّ، ح الْحَسَنُ بْنُ عَلُّوَيْهِ بِبَغْدَادَ، ح عَلِيٌّ يَعْنِي ابْنَ الْجَعْدِ، ح شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا، فِي بَيْتِ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، يُحَدِّثُ ابْنَ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: §«مَنْ سَمَّعَ النَّاسَ بِعَمَلِهِ سَمَّعَ اللَّهَ بِهِ سَائِرَ خَلْقِهِ وَحَقَّرَهُ وَصَغَّرَهُ» قَالَ: فَذَرَفَتْ عَيْنَا ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْمُسَمِّعُ بِعَمَلِهِ الْمَرَائِي بِهِ، يُظْهِرُ لِلنَّاسِ وَجَاهًا فِيهِمْ وَرُتْبَةً عِنْدَهُمْ، يُرِيهِمْ أَنَّهُ لِلَّهِ عَابِدٌ وَلَهُ طَائِعٌ إِرَادَةَ رِفْعَةٍ فِيهِمْ، فَهُوَ إِنَّمَا يُرَائِي بِهِ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ يَعْظُمُ فِي أَعْيُنِهِمْ مَنْ يُطِيعُ اللَّهَ، وَيُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا مُطِيعِينَ لِلَّهِ مُتَعَبِّدِينَ لَهُ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ إِخْلَاصَ الْعَمَلِ لَهُ، وَأَنْ لَا يُرِيدُوا بِأَعْمَالِهِمْ إِلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ، وَلَا تَكُونَ أَغْرَاضُهُمْ فِي أَفْعَالِهِمْ إِلَّا رِضَاءَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةِ، فَإِذَا صَرَفُوا إِرَادَتَهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ بِإِظْهَارِ صَالِحِهَا لَهُمْ، وَمُرَاءَاتِهِمْ بِهَا لِيَعْظُمُوا بِهَا فِي أَعْيُنِهِمْ، وَيَجِلَّ عِنْدَهُمْ أَقْدَارُهُمْ، قَلَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَأَظْهَرَ لِلْخَلْقِ مَسَاوِئَ أَعْمَالِهِمُ الَّتِي يُخْفُونَهَا عَنْهُمْ، وَيَسْتُرُونَهَا مِنْهُمْ، مِمَّا عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُمْ، وَسَتَرَهَا عَلَيْهِمْ، فَيُبْدِيهَا لِسَائِرِ خَلْقِهِ مِنْ آدَمِيٍّ وَمَلَكٍ، وَسَائِرِ خَلْقِ اللَّهِ، فَيُبْغِضُونَهُمْ عَلَيْهَا، وَتَزْدَرِيهِمْ أَعْيُنُهُمْ، وَتَقْصُرُ أَقْدَارُهُمْ عِنْدَهُمْ، وَيَحْقُرُونَهُمْ وَيَمْقُتُونَهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، فَيَفْتَضِحُونَ عِنْدَهُمْ، وَيُنْتَهَكُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَيَفُوتُهُمْ مَا قَصَدُوهُ، وَيُقْلَبُ عَلَيْهِمْ مَا أَرَادُوهُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَنْ رَاءَى النَّاسَ بِمَحَاسِنِهِ وَأَظْهَرَ لَهُمْ صَالِحَ أَعْمَالِهِ، أَظْهَرَ اللَّهُ لَهُمْ مَسَاوِئَهَا مِنْهَا، فَيَفُوتُهُ مَا يُرِيدُ، وَيَبْطُلُ مَحَاسِنُهَا -[270]-، فَلَا يُثَابُ عَلَيْهَا، وَلَا يُدْرِكُ مَا يُرِيدُ، بَلْ يَفْتَضِحُ وَيَصْغُرُ وَيَحْقُرُ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخِذْلَانِ

فَمَنْ لَمْ تَكُنْ أَعْمَالُهُ عَلَى أَوْصَافِ الْحَيَاءِ فَكَأَنَّهُ يُجِلُّ قَدْرَ نَفْسِهِ، وَيَسْتَخِفُّ بِقَدْرِ سَيِّدِهِ، فَعَظُمَ فِي عَيْنِهِ قَلِيلُ عَمَلِهِ، وَيَصْفُو عِنْدَهُ كَدْرُهُ، فَيَمُنُّ عَلَى اللَّهِ بِطَاعَتِهِ، وَيَصْغُرُ عِنْدَهُ عَظِيمُ مَعْصِيَتِهِ، وَيَزْرِي بِعِبَادِ اللَّهِ إِجْلَالًا لِقَدْرِ نَفْسِهِ، وَاسْتِصْغَارًا لِقَدْرِ مَنْ سِوَاهُ؛ لِأَنَّ الْحَيَاءَ إِجْلَالُ قَدْرِ النَّاظِرِ إِلَيْكَ وَاسْتِصْغَارُ نَفْسِكَ، فَمَا كَانَ بِخِلَافِ الْحَيَاءِ فَهُوَ إِجْلَالُ قَدْرِ نَفْسِهِ وَاسْتِصْغَارُ قَدْرِ مَنْ سِوَاهُ، فَهَذِهِ صِفَةُ عَدُوِّ اللَّهِ إِبْلِيسَ قَالَ {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} [الأعراف: 12] . نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخِذْلَانِ، وَنَسْأَلُهُ الْغُفْرَانَ، فَإِنَّهُ الْمَنَّانُ عَلَى عِبَادِهِ وَلَهُ الْحَمْدُ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ

اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 269
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست