responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 237
قَالَ: ح مَحْمُودُ بْنُ إِسْحَاقَ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: ح أَحْمَدُ بْنُ حَاتِمٍ السُّلَمِيُّ قَالَ: ح الْقَعْنَبِيُّ قَالَ: ح عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: شَيْخٌ زَانٍ، وَإِمَامٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مَزْهُوٌّ " قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ: خَصَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ مِنْ بَيْنِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ مِنْ مُرْتَكِبِي الْمَعَاصِي، وَمُوَاقِعِي الْمَنَاهِي بِإِعْرَاضِ اللَّهِ عَنْهُمْ، وَحِرْمَانِهِ إِيَّاهُمْ رَحْمَتَهُ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِقِلَّةَ إِصْرَارِهِمْ فِي ارْتِكَابِ مَا ارْتَكَبُوهُ، وَإِتْيَانِ مَا أَتَوْهُ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُمْ شَرَهًا فِيهِمْ، وَقِلَّةَ مُبَالَاةٍ، وَرَدَاءَةَ طَبْعٍ، إِنَّ الزِّنَا أَنْ يَكُونَ مِنْ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ عَلَى الْإِنْسَانِ، وَمُنَازَعَتِهَا إِيَّاهُ، وَضَعْفِهِ عَنْ مُقَاوَمَتِهَا فِي الصَّبْرِ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي حَالِ الشَّبَابِ، وَحَدَاثَةِ السِّنِّ، وَقُوَّةِ الطَّبْعِ، وَضَعْفِ الْعَقْلِ، وَرِقَّةِ الْحَالِ، وَقِلَّةِ الْعِلْمِ، فَيَكُونُ أَسْبَابُ الْمَعْصِيَةِ قَوِيَّةً، وَأَسْبَابُ الْعِصْمَةِ دُونَهَا، فَيَتَغَلَّبُ الْعَبْدُ، فَيُوَاقِعُ الْمُنْتَهَى. وَأَمَّا الشَّيْخُ فَيَكُونُ بِخِلَافِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ، وَلَا يَكُونُ لَهُ هَذِهِ الْأَغْرَارُ، وَقَدْ تَمَّ عَقْلُهُ، وَقَوِيَتْ حَالُهُ، وَبَلَغَ عِلْمُهُ وَحِلْمُهُ -[238]-، وَسَكَنَتْ حِدَّةُ شَهْوَتِهِ، وَضَعُفَتْ قُوَّةُ طِبَاعِهِ، وَقَوِيَتْ فِيهِ دَوَاعِي الْعَقْلِ، وَآلَاتُ الِامْتِنَاعِ، وَضَعُفَتْ آلَاتُ الْهَوَى، وَدَوَاعِي الشَّهَوَاتِ، فَارْتِكَابُهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الزِّنَا، لَيْسَ إِلَّا بِسَبَبِ الِاسْتِخْفَافِ، وَقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ، وَرَدَاءَةِ الطَّبْعِ، وَقَسْوَةِ الْقَلْبِ، وَانْطِمَاسِ نُورِ الْهُدَى، وَإِعْرَاضِهَا عَنْ رِعَايَةِ حَقِّ الْمَوْلَى، فَيُجَازِيهِ فِي الْقِيَامَةِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُ الْحُسْنَى، فَيُعْرِضُ عَنْهُ فِي الْآخِرَةِ كَإِعْرَاضِهِ الَّذِي كَانَ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا. وَالْكَذِبُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ الْإِنْسَانِ لِدَفْعِ مَضَرَّةٍ، أَوْ لِجَلْبِ مَنْفَعَةٍ فِيمَا يُخَيَّلُ إِلَيْهِ، يَخَافُ شَيْئًا مِمَّا يُحِبُّهُ أَنْ يَفُوتَهُ، أَوْ يَرْجُوهُ أَنْ يُصِيبَهُ، وَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَحْجُزُهُ عَنْهُ، أَوْ يَمْنَعُهُ، أَعْنِي الْكَذِبَ، رَهْبَةً مِنْ إِنْسَانٍ، أَوْ رَغْبَةً فِيهِ، فَيَكْذِبُ لَهُ، وَالْإِمَامُ لَيْسَ فَوْقَهُ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ يَرْجُوهُ، أَوْ يَخَافُهُ، فَلَا عُذْرَ لَهُ فِي كَذِبِهِ، فَكَذِبُهُ لِسُوءِ طَبْعِهِ، وَرَدَاءَةِ حَالِهِ، وَاسْتِخَفَافِهِ بِحَقِّ اللَّهِ فِي الْوُقُوفِ عَلَى حُدُودِهِ، فَيُجَازِيهِ رَبُّهُ يَوْمَ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا عَلَى سُوءِ سِيرَتِهِ حِينَ مَلَّكَهُ اللَّهُ، وَمَكَّنَهُ مِنْ دَفْعِ كَثِيرٍ مِنَ الْمَضَارِّ عَنْ نَفْسِهِ، وَجَلْبِ الْمَنَافِعِ إِلَيْهَا بِمَا خَوَّلَهُ مِنْ نِعَمِهِ، وَآَتَاهُ مِنْ سُلْطَانِهِ. وَالزَّهْوُ هُوَ التَّرَفُّعُ وَالتَّكَبُّرُ وَالْإِزْرَاءُ مِمَّنْ دُونَهُ، وَالِاسْتِخْفَافُ بِعِبَادِ اللَّهِ، وَدَوَاعِي هَذِهِ الْأَسْبَابِ الِاسْتِغْنَاءُ، وَقِلَّةُ الْحَاجَةِ، وَالْإِمْكَانُ مِنْ بُلُوغِ مَا يَتَمَنَّاهُ، وَنَيْلِ مَا يَشْتَهِيهِ، وَحَاجَةُ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَرَغْبَتُهُمْ فِيهِ، وَخِدْمَتُهُمْ إِيَّاهُ، وَاسْتِكَانَتُهُمْ لَهُ، فَتَدْعُوهُ هَذِهِ الْأَسْبَابُ إِلَى نَظَرِهِ إِلَى نَفْسِهِ، وَإِعْجَابِهِ بِهَا، فَيَزْهُو، وَالْعَائِلُ هُوَ الْفَقِيرُ لَيْسَ لَهُ هَذِهِ الدَّوَاعِي، وَلَا مَعَهُ هَذِهِ الْآلَاتُ، فَلَا عُذْرَ لَهُ فِي زَهْوِهِ، فَزَهْوُهُ، وَتَرَفُّعُهُ فِي غَيْرِ ذَاتِ اللَّهِ رَدَاءَةٌ فِيهِ، وَقِلَّةُ مَعْرِفَةٍ بِاللَّهِ، وَمُنَازَعَةٌ مِنْهُ لِرَبِّهِ فِيمَا هُوَ لَهُ دُونَ خَلْقِهِ، فَيُعْرِضُ اللَّهُ عَنْهُ إِنْ لَمْ يَرْحَمْهُ إِهَانَةً لَهُ جَزَاءً عَلَى إِعْرَاضِهِ عَنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَاسْتِهَانَتِهِ بِحُقُوقِهِمْ. فَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى كَرَمِ اللَّهِ فِي قَبُولِ أَعْذَارِ الْعِبَادِ فِيمَا يَكُونُ مِنْهُمْ مِنَ الْمُخَالَفَاتِ مِنَ ارْتِكَابِ مَنَاهِيهِ، وَإِتْيَانِ مَعَاصِيهِ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِ تَائِبِينَ، أَوْ وَرَدُوا عَلَى اللَّهِ عَلَى إِيمَانِهِمْ ثَابِتِينَ، أَوْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ لَهُمْ مَا كَانَ مِنْهُمْ عِنْدَ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ الْمُرَكَّبَةِ فِيهِمْ إِيَّاهُمْ، وَتَزْيِينِ الْعَدُوِّ لَهُمْ، وَبَسْطِ الْأَمَلِ فِي الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ رَجَاءَ الْمُدَّةِ فِي ذَلِكَ، وَدَلَالَةً عَلَى كَرَمِهِ فِي قَبُولِ أَعْذَارِهِمْ عِنْدَ ضَرُورَاتِهِمْ، وَحَاجَاتِهِمْ فِي نَيْلِ مَا إِلَيْهِ حَاجَاتُهُمْ، وَالْخَوْفِ مِنْ لُحُوقِ الضَّرَرِ بِهِمْ لِضَعْفِ الْبَشَرِيَّةِ، وَعَجْزِ الْإِنْسَانِيَّةِ، وَفِي النَّظَرِ لِأَنْفُسِهِمْ، وَاغْتِرَارِهِمْ بِالْأَسْبَابِ الْحَامِلَةِ لَهُمْ عَنِ الْحَاجَةِ -[239]-. فَكَأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَسَطَ عُذْرَهُمْ، وَدَلَّهُمْ عَلَى مَوْضِعِ اللِّقَاءِ لَهُ، وَطَلَبِ الْعُذْرِ إِلَيْهِ، كَمَا يُقَالُ لِمَنْ أَتَى مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ: مَا الَّذِي حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: خَدَعَنِي فُلَانٌ، وَغَرَّنِي كَذَا، وَظَنَنْتُ كَذَا، وَرَجَوْتُ كَذَا، أَوْ خِفْتُ كَذَا، فَيُقَالُ لَهُ: قَدْ عَذَرْنَاكَ، وَقَبِلْنَاكَ، وَتَجَاوَزْنَا عَنْكَ. وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، أَوْ مَنْ دُونَهُ مِنَ الْكِبَارِ، أَنَّهُ قَرَأَ: {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الانفطار: 6] قَالَ: غَرَّنِي عَفْوُكَ يَا سَيِّدِي. وَقَالَ آخَرُ: غَرَّتْنِي نَفْسِيَ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ، وَخَدَعَنِي بِالْأَمَلِ الْعَدُوُّ. وَقَالَ آخَرُ: غَرَّنِي حِلْمُكَ عَنِّي. فَكُلُّ هَذِهِ أَعْذَارٌ لِلْمُؤْمِنينَ فِيمَا كَانَ مِنْهُمْ مِنْ زَلَّاتِهِمْ، وَدِلَالَةٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِإِقَالَةِ عَثَرَاتِهِ، وَيُنْعِشُهُ عِنْدَ سَقَطَاتِهِ إِذَا عَلِقَ لَهُ، وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا يَهْلِكُ عَلَى رَبِّهِ الْكَرِيمِ إِلَّا لِسَلَفِهِ اللَّئِيمِ، وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الشَّابَّ الَّذِي يَغْلِبُهُ قُوَّةُ شَهْوَتِهِ، وَغَرَّتْهُ شَبَابُهُ، وَسُلْطَانُ الْهَوَى عَلَيْهِ، وَكُلُّ مَنْ أَتَى مَحْظُورًا، أَوِ ارْتَكَبَ نَهْيًا فِي حَالِ غَلَبَةِ الدَّوَاعِي لَهُ إِلَيْهِ، وَسُلْطَانِ الْهَوَى عَلَيْهِ أُعْذِرَ، وَإِلَى الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ إِذَا سَكَنَتْ حِدَّتُهُ، وَضَعُفَ قُوَّتُهُ أَجْدَرُ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَتَجَاوَزُ لَهُ، وَيَعْفُو لَهُ مَا لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ بِمَنْ تَمَّتْ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي جَعَلَهَا لَهُ فِي رُجُوعِهِ إِلَيْهِ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عَمَّرَهُ اللَّهُ سِتِّينَ سَنَةً، فَقَدْ أَعْذَرَ إِلَيْهِ فِي الْعُمُرِ»

وَحَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ إِسْحَاقَ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: ح أَحْمَدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ دَاوُدَ الْمَكِّيُّ أَبُو جَعْفَرٍ السُّلَمِيُّ قَالَ: ح حَسَّانٌ الْبَصْرِيُّ أَبُو عَلِيٍّ قَالَ: ح أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ قَالَ: ح مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: §" خَمْسُ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ النِّسَاءِ خَيْرٌ لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} [النساء: 40] ، وَقَوْلُهُ: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31] ، وَقَوْلُهُ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ} ، وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110] ، وَقَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] ، إِلَى آخِرِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

§حَدِيثٌ آخَرُ

اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 237
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست