responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 206
وَمَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمْدَانَ، قَالَ: ح عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: ح جَعْفَرُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ بِمَكَّةَ قَالَ: ح الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَضَّلَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ السَّمَاءِ، وَعَلَى الْأَنْبِيَاءِ، فَقَالُوا: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَمَا فَضْلُهُ عَلَى أَهْلِ السَّمَاءِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِأَهْلِ السَّمَاءِ: {§وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 29] ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] ، قَالُوا: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَمَا فَضْلُهُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4] ، وَقَالَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: 28] ، فَأَرْسَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْإِنْسِ، وَالْجِنِّ " وَفِيمَا سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلَهُ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144] ، فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا، وَهُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي صِفَةِ الْحَمْدِ، وَسَمَّاهُ أَحْمَدَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يُخْبِرُ عَنْ رُوحِهِ، وَكَلِمَتِهِ: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6] ، فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الْمَحْمُودِينَ، فَمَنِ اسْتَحَقَّ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ اسْمَ الْحَمْدِ، فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[207]- أَحْمَدُهُمْ، وَمَنِ اسْتَوْجَبَ الْمَدْحَ مِنَ الْمَرْبُوبِينَ، فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَاهُمْ بِالْمَدْحِ، فَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتَهُ، فَجَمِيعُ صِفَاتِهِ بِصِفَةِ الْمَدْحِ أَوْلَى، وَنَعُوتُهُ بِالْحَمْدِ أَحْرَى، وَدَرَجَتُهُ كُلَّ يَوْمٍ وَسَاعَةٍ أَعْلَى، وَرُتْبَتُهُ فِي كُلِّ حَالٍ أَسْنَى، وَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرْقَى بِهِ كُلَّ وَقْتٍ، وَسَاعَةٍ، بَلْ عِنْدَ كُلِّ نَفَسٍ، وَفِي كُلِّ طَرَفَةٍ، إِذًا فَالْغَيْنُ الَّذِي يَغْشَى قَلْبَهُ، وَيُغَطِّي سِرَّهُ صِفَةُ مَدْحٍ، وَنَعْتُ شَرَفٍ، وَلَيْسَتْ فِيهِ غَضَاضَةٌ، وَلَا خَفْضٌ، بَلْ فِيهِ رِفْعَةٌ، وَمَرْتَبَةٌ، وَعُلُوُّ حَالٍ، وَحَالُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَى مِنْ أَنْ يُشْرِفَ عَلَيْهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَيَعْرِفَ كُنْهَهَا غَيْرُهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ مَا أَغَانَ عَلَى قَلْبِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا يُتَكَلَّمُ عَلَى قَدْرِ مَا يُكْشَفُ لَهُ، وَعَلَى مِقْدَارِ حَظِّهِ مِنْهُ. فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا يُغَانُ عَلَى قَلْبِهِ فِكْرَةً تَغُمُّهُ، وَخَاطِرًا يِغُمُّهُ مِنْ أَمْرٍ عَنْهُ مِمَّا أُخْبِرَ عَنِ الْأَحْدَاثِ الْكَائِنَةِ فِيهِمْ، وَالْفِتَنِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُمْ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ غَيْنًا عَلَى قَلْبِهِ لِشَفَقَتِهِ عَلَيْهِمْ، وَرَأْفَتِهِ بِهِمْ، وَرَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ، فَقَدْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفِيًّا عَلَيْهِمْ، رَءُوفًا بِهِمْ، عَزِيزًا عَلَيْهِ عَنَتُهُمْ، أُخْبِرَ عَمَّا يَغُمُّهُ مِنْ أَمْرِهِمْ، فَقَالَ: «اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي» ، وَقَالَ مُخْبِرًا عَنْ آدَمَ وَنُوحٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ: " إِنَّهُمْ يَقُولُونَ نَفْسِي نَفْسِي، وَيَقُولُ النَّبِيُّ: أُمَّتِي، أُمَّتِي "، فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عُرِضَ سِرُّ أَحْوَالِهِمْ، اغْتَمَّ لِذَلِكَ، يَغْشَى ذَلِكَ الْغَمُّ قَلْبَهُ، فَيَسْتَغْفِرُ لَهُمُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي يُغَانُ عَلَى قَلْبِهِ هِيَ السَّكِينَةَ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ أَنْزَلَهَا عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا} [التوبة: 40]
-[208]- ، وَقَالَ: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: 26] ، فَالَّذِي يَنْزِلُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الطُّمَأْنِينَةُ إِلَى مَوْعُودِ اللَّهِ تَعَالَى بِالنَّصْرِ لَهُمْ، وَالظَّفَرِ عَلَى عَدُوِّهِمْ، وَالثَّبَاتِ عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَالصَّبْرِ عِنْدَ الْبَلَاءِ، وَالَّذِي نَزَّلَ عَلَى قَلْبِهِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ، وَمَا يُحْدِثُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مِنَ اللَّطَايِفِ الَّتِي يُحِلُّهَا قَلْبَهُ، وَيُودِعُهَا صَدْرَهُ، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11] وَقَالَ: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] ، أَخْرَجَهَا عَنِ الْأَوْهَامِ بِقَوْلِهِ: {الْكُبْرَى} [النجم: 18] ، وَلَقَدْ وَصَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّكِينَةَ بِالْعِظَامِ فِيمَا

اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 206
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست