responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 200
كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ §هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ، فَادْخُلْ فِيهِ بِرِفْقٍ، وَلَا تُبَغِّضْ إِلَى نَفْسِكَ عِبَادَةَ اللَّهِ، فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ لَا أَرْضًا قَطَعَ، وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى» قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْعَطَّارِ قَالَ: ح أَبُو مَيْسَرَةَ قَالَ: ح خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: ح يَحْيَى الْمُتَوَكِّلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَوْلُهُ: «عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ» ، كَرِهَ التَّعَمُّقَ، وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ لَمَّا عَلِمَ مِنْ جِبِلَّةِ الْخَلْقِ عَلَى الضَّعْفِ، وَمَا فِي طِبَاعِهِمْ مِنَ الْمَلَلِ، وَالسَّأَمَةِ، خَوْفًا عَلَيْهِمْ أَنْ يُبْغِضُوا عِبَادَةَ اللَّهِ، وَيَسَتَثْقِلُوا طَاعَتَهُ، وَتَمَلُّوا خِدْمَتَهُ، فَأَمَرَهُمْ بِالِاسْتِجْمَامِ وَالِاسْتِرَاحَةِ؛ لِاسْتِرْجَاعِ الْقُوَى، وَزَوَالِ الضَّجَرِ، وَلِيَكُونَ ذَلِكَ أَدْعَى لَهُمْ إِلَى حُسْنِ الطَّاعَةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَمَحَبَّةٍ لِلْخِدْمَةِ لَهُ، وَأُلْفَةِ عِبَادَتِهِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَكِنِّي أَصُومُ، وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي، وَأَرْقُدُ، وَآتِي النِّسَاءَ، أَلَا فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» أَلَا وَكُلُّ قَلِيلٍ فِي سُنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ فِي بِدْعَةٍ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «إِنَّ لِلَّهِ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِبَدَنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا» -[201]- وَكَتَبَ سُلَيْمَانُ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنِّي أَنَامُ، وَأَقُومُ، وَأَحْسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْسِبُ قَوْمَتِي، وَأَحْسِبُ نَوْمَتِي طَاعَةً لِلَّهِ تَعَالَى، هَذَا الْحَقُّ، فَإِيفَاؤُهُ إِيَّاهُ طَاعَةٌ لِلَّهِ، وَلِأَنَّ فِي نَوْمَتِهِ اسْتِجْلَابَ الْقُوَّةِ لِقَوْمَتِهِ، وَتَشْحِيذَ الطَّبْعِ، وَحَثًّا مِنْهُ لِنَفْسِهِ عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَحَبَّبَ عِبَادَةَ اللَّهِ إِلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحَبَّ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ يُحِبُّوهُ، وَيُؤْثِرُوهُ، وَيُقْبِلُوا بِهَا عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ كَلَّفَهُمُ الْأَعْمَالَ لِتَشْتَغِلُوا بِهَا عَمَّا دُونَهُ، وَتُقْبِلُوا بِهَا عَلَيْهِ، وَتَتَوَجَّهُوا بِأَدَائِهَا إِلَيْهِ، فَإِذَا تَحَمَّلُوا مِنْهَا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ مَلُّوا، فَتَرَكُوهَا، وَفِي تَرْكِهَا تَرْكُ الْإِقْبَالِ عَلَيْهِ، وَالتَّوَجُّهِ إِلَيْهِ، وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْ أَفْعَالِ عِبَادِهِ، وَلَا يَزِيدُهُ طَاعَتُهُمْ، وَلَا يُنْقِصُهُ مَعْصِيَتُهُمْ، وَإِنَّمَا أَرَادَ مِنْهُمْ إِظْهَارَ فَقْرِهِمْ إِلَيْهِ، وَرُؤْيَةَ اضْطِرَارِهِمْ إِلَيْهِ، وَعَجْزَهُمْ لِيُغْنِيَهُمْ، وَيُقَوِّيَهُمْ، وَيَجْعَلَهُمْ مُلُوكًا خَالِدِينَ، وَأَغْنِيَاءَ لَا يَفْتَقِرُونَ، وَأَقْوِيَاءَ لَا يَضْعُفُونَ، سُبْحَانَ اللَّطِيفِ بِعِبَادِهِ، وَالرَّءُوفِ بِهِمْ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَمَلُّ، حَتَّى تَمَلُّوا» ، أَيْ: لَا يَتْرُكُ ثَوَابَكُمْ، وَالْإِقْبَالَ عَلَيْكُمْ قَبُولًا لِأَعْمَالِكُمُ الْمَدْخُولِ فِيهَا مَا لَمْ تَمَلُّوا طَاعَتَهُ، وَتَسْتَثْقِلُوا خِدْمَتَهُ، وَتُبْغِضُوا عِبَادَتَهُ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُقْبِلُ عَلَيْكُمْ، وَإِنْ قَصَّرْتُمْ فِي عِبَادَتِهِ، وَيَقْبَلُ يَسِيرَ أَعْمَالِكُمْ، وَيُثِيبُكُمْ عَلَيْهَا الْجَزِيلَ مَا دُمْتُمْ فِيهَا رَاغِبِينَ، وَلَهَا مُرِيدِينَ، وَبِنَيَّاتِكُمْ إِلَيْهَا قَاصِدِينَ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغُوا إِرَادَتَكُمْ فِيهَا، وَمَقَاصِدَكُمْ مِنْهَا، وَإِنَّمَا يَتْرُكُ ثَوَابَكُمْ، وَالْإِقْبَالَ لَكُمْ، إِذَا أَعْرَضْتُمْ عَنْهَا، وَمَلَلْتُمُوهَا

اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 200
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست