responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 141
قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ الْفَتْحِ، قَالَ: ح أَبُو عِيسَى قَالَ: ح أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، قَالُوا: ح أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ قُرَّةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §«مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرَكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الْعَارِفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ: «تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» مِنْ أَوْصَافِ النَّاسِ، وَأَقْوَالِهِمْ، فَلَا يَكَادُ يَذْكُرُهُمْ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَى عُيُوبِهِمْ، وَلَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِمْ فِي أَخْلَاقِهِمْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَيَكُونُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الَّذِي يُطَالِبُهُمْ بِصِدْقِهِمْ فِي أَفْعَالِهِمْ، وَصِحَّةِ أَعْمَالِهِمْ، وَيُقِيمُ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِمْ، وَيُشْفِقُ عَلَيْهِمْ، وَيَنْصَحُ لَهُمْ، وَيَقْبَلُ مِنْهُمْ ظَوَاهِرَهُمْ، وَيُوَكِّلُ سَرَايِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّا يَعْنِيهِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ، وَيَدِهِ، فَهُوَ الْمُسْلِمُ، وَالْإِسْلَامُ لَهُ صِفَةٌ، وَالْحُسْنُ لِإِسْلَامِهِ صِفَةٌ، فَهُوَ لَمَّا حَسُنَ إِسْلَامُهُ فِي إِسْلَامِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى اللَّهِ تَرَكَ مَا لَا يَعْنِيهِ مِنَ الْبَحْثِ عَنْ سَرَائِرِهِمْ، وَمُطَالَبَةِ الصِّدْقِ إِذَا صَلُحَتْ -[142]- ظَوَاهِرُهُمْ، وَالْإِعْرَاضِ عَنْ مُخْتَلَفِ أَحْوَالِهِمْ إِلَّا فِيمَا يَلْزَمُهُ فَرَضُ أَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ فِي رِقَّةٍ بِهِمْ، وَشَفَقَةٍ عَلَيْهِمْ، وَإِرَادَةِ الصَّلَاحِ لَهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ حُسْنَ تَسْلِيمِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [التوبة: 111] الْآيَةَ، فَقَدِ اشْتَرَى اللَّهُ مِنْهُمْ نُفُوسَهُمْ، فَعَلَيْهِمْ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ، وَقَدْ بَاعَ الْبَائِعُ الشَيْءَ، وَيَلْتَوِي فِي تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، حَتَّى يَنْتَزِعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِحَقِّ الْبَايِعِ، فَأَمَّا مَنْ حَسُنَ تَسْلِيمُهُ سَلَّمَ الْمَبِيعَ أَوْفَرَ مَا كَانَ، وَأَتَمَّهُ فِي سَعَةٍ مِنْ صَدْرِهِ، وَطِيبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ، خَاصَّةً إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ اسْتَحَقَّ مِنَ الثَّمَنِ أَضْعَافَ أَضْعَافَ الْقِيمَةِ، فَمَتَى حَسُنَ إِسْلَامُ الْمَرْءِ حَسُنَ تَسْلِيمُ نَفْسِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , غَيْرَ مُلْتَوٍ وَلَا مُتَرَبِّصٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِخَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: {أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} [البقرة: 132] ، وَمِنْ حُسْنِ تَسْلِيمِهِ أَنْ لَا يَعْتَرِضَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَحْكَامِهِ عَلَيْهِ، وَقَضَايَاهُ فِيمَا شَاءَ، وَسَرَيَانُ الِاعْتِرَاضِ مِنْهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي تَسَخُّطِ قَضَائِهِ، وَالتَّأَتِّي لِمَعْقُولِ أَحْكَامِهِ هُوَ الَّذِي لَا يَعْنِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي إِذَا أَحْدَثَ فِيمَا اشْتَرَاهُ مِنْ هَدْمِ بِنَاءٍ فِيهِ، أَوْ تَغْيِيرِ شَيْءٍ مِنْهُ، أَوْ نَقْضٍ فِيهِ، أَوْ إِبْرَامٍ، فَاعْتَرَضَ الْبَائِعُ فِيهِ مِمَّا لَا يَعْنِيهِ مِنْ قَوْلِهِ لِمَ فَعَلْتَ، وَأَلَا صَنَعْتَ كَذَا، وَلَوْ فَعَلْتَ كَذَا، وَلَيْتَكَ صَنَعْتَ كُلَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَعْنِيهِ , فَحَصُلَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» ، عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ الرِّضَا بِأَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّلَقِّي بِالْبِشْرِ، وَالسُّرُورِ، ثُمَّ الْقَضَاءُ، وَالصَّبْرُ تَحْتَ أَثْقَالِ مَا يَكْرَهُهُ، وَالِاسْتِسْلَامُ، وَالِانْقِيَادُ بِذُلِّ الْعُبُودِيَّةِ لِلْمَلِكِ الْقَهَّارِ، فِيمَا يُجْرِيهِ مِنْ أَحْكَامِهِ فِي جَمِيعِ خَلْقِهِ مِنْ أَرْضِهِ، وَسَمَائِهِ، وَفِي نَفْسِ الْعَبْدِ مِمَّا يَؤْلِمُهُ وَيَلَذُّهُ، أَوْ يَسُرُّهُ، وَيُحْزِنُهُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَايْمُ اللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا الْفِنَاءُ، وَالْفَقْرُ، وَمَا أُبَالِي بِأَيِّهِمَا ابْتُلِيتُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: ابْتُدِيتُ , فَهَذَا مِنْ حُسْنِ الْإِسْلَامِ أَنْ لَا يَعْتَرِضَ عَلَى اللَّهِ، وَلَا يَخْتَارَ تَسْلِيمًا لِنَفْسِهِ إِلَيْهِ، وَتَفْوِيضًا لِأَمْرِهِ إِلَيْهِ، كَمَا نَدَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ فِيمَا

§حَدِيثٌ آخَرُ

اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 141
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست