مدرسة الفقاهة
مکتبة مدرسة الفقاهة
قسم التصویري
قسم الکتب لأهل السنة
قسم التصویري (لأهل السنة)
ويکي الفقه
ويکي السؤال
فارسی
دلیل المکتبة
بحث متقدم
مجموع المکاتب
الصفحة الرئیسیة
علوم القرآن
الفقه
علوم الحديث
الآدب
العقيدة
التاریخ و السیرة
الرقاق والآداب والأذكار
الدعوة وأحوال المسلمين
الجوامع والمجلات ونحوها
الأشخاص
علوم أخرى
فهارس الكتب والأدلة
مرقم آلیا
جميع المجموعات
المؤلفین
الحدیث
علوم الحديث
العلل والسؤالات
التراجم والطبقات
الأنساب
جميع المجموعات
المؤلفین
متون الحديث
الأجزاء الحديثية
مخطوطات حديثية
شروح الحديث
كتب التخريج والزوائد
جميع المجموعات
المؤلفین
مدرسة الفقاهة
مکتبة مدرسة الفقاهة
قسم التصویري
قسم الکتب لأهل السنة
قسم التصویري (لأهل السنة)
ويکي الفقه
ويکي السؤال
صيغة PDF
شهادة
الفهرست
««الصفحة الأولى
«الصفحة السابقة
الجزء :
1
الصفحة التالیة»
الصفحة الأخيرة»»
««اول
«قبلی
الجزء :
1
بعدی»
آخر»»
اسم الکتاب :
الرد على الجهمية
المؤلف :
الدارمي، أبو سعيد
الجزء :
1
صفحة :
40
§بَابُ اسْتِوَاءِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ وَارْتِفَاعِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَبَيْنُونَتِهِ مِنَ الْخَلْقِ وَهُوَ أَيْضًا مِمَّا أَنْكَرُوهُ
47 - وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} . وَقَالَ: {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ الْعُلَى الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} . وَقَدْ قَالَ: {اللَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَالُكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} . وَقَوْلُهُ: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55] . وَقَوْلُهُ: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ، وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 18] . وَقَوْلُهُ: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 50] . وَقَوْلُهُ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] . وَقَوْلُهُ: {ذِي الْمَعَارِجِ، تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4] . وَقَوْلُهُ: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ -[41]- تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا، فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} [الملك: 16] . {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}
48 - قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَقَرَّتْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ بِهَذِهِ الْآيَاتِ بِأَلْسِنَتِهَا، وَادَّعَوَا الْإِيمَانَ بِهَا، ثُمَّ نَقَضُوا دَعْوَاهُمْ بِدَعْوَى غَيْرَهَا، فَقَالُوا: اللَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ. قُلْنَا: قَدْ نَقَضْتُمْ دَعْوَاكُمْ بِالْإِيمَانِ بِاسْتِوَاءِ الرَّبِّ عَلَى عَرْشِهِ، إِذِ ادَّعَيْتُمْ أَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ. فَقَالُوا: تَفْسِيرُهُ عِنْدَنَا: أَنَّهُ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَعَلَاهُ. قُلْنَا: فَهَلْ مِنْ مَكَانٍ لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْلُهُ حَتَّى خَصَّ الْعَرْشَ مِنْ بَيْنِ الْأَمْكِنَةِ بِالِاسْتِوَاءِ عَلَيْهِ، وَكَرَّرَ ذِكْرَهُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ؟ فَأَيُّ مَعْنًى إِذًا لِخُصُوصِ الْعَرْشِ إِذْ كَانَ عِنْدَكُمْ مُسْتَوِيًا عَلَى جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ كَاسْتِوَائِهِ عَلَى الْعَرْشِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
49 - هَذَا مُحَالٌ مِنَ الْحُجَجِ، وَبَاطِلٌ مِنَ الْكَلَامِ، لَا تَشُكُّونَ أَنْتُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي بُطُولِهِ وَاسْتِحَالَتِهِ، غَيْرَ أَنَّكُمْ تُغَالِطُونَ بِهِ النَّاسَ.
50 - أَرَأَيْتُمْ إِذْ قُلْتُمْ: هُوَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَفِي كُلِّ خَلْقٍ. أَكَانَ اللَّهُ إِلَهًا وَاحِدًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ وَالْأَمْكِنَةَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قُلْنَا: فَحِينَ خَلَقَ الْخَلْقَ وَالْأَمْكِنَةَ، أَقَدِرَ أَنْ يَبْقَى كَمَا كَانَ فِي أَزَلِيَّتِهِ فِي غَيْرِ مَكَانٍ؟ فَلَا يَصِيرُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْخَلْقِ وَالْأَمْكِنَةِ الَّتِي خَلَقَهَا بِزَعْمِكُمْ، أَوْ لَمْ -[42]- يَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ يَصِيرَ فِيهَا، أَوَ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ ذَلِكَ؟ قَالُوا: بَلَى، قُلْنَا: فَمَا الَّذِي دَعَا الْمَلِكَ الْقُدُّوسَ إِذْ هُوَ عَلَى عَرْشِهِ فِي عِزِّهِ وَبَهَائِهِ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، أَنْ يَصِيرَ فِي الْأَمْكِنَةِ الْقَذِرَةِ وَأَجْوَافِ النَّاسِ وَالطَّيْرِ وَالْبَهَائِمِ، وَيَصِيرَ بِزَعْمِكُمْ فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ وَحُجْرَةٍ وَمَكَانٍ مِنْهُ شَيْءٌ؟ .
51 - لَقَدْ شَوَّهْتُمْ مَعْبُودَكُمْ إِذْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ صِفَتُهُ، فَلَا بُدَّ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَأْتُوا بِبُرْهَانٍ بَيِّنٍ عَلَى دَعْوَاكُمْ مِنْ كِتَابٍ نَاطِقٍ، أَوْ سُنَّةٍ مَاضِيَةٍ، أَوْ إِجْمَاعٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَنْ تَأْتُوا بشَيْءٍ مِنْهُ أَبَدًا.
52 - فَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِيهِ بِكَلِمَةِ زَنْدَقَةٍ أَسْتَوْحِشُ مِنْ ذِكْرِهَا، وَتَسَتَّرَ آخَرُ مِنْ زَنْدَقَةِ صَاحِبِهِ فَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} .
53 - قُلْنَا: هَذِهِ الْآيَةُ لَنَا عَلَيْكُمْ، لَا لَكُمُ، إِنَّمَا يَعْنِي أَنَّهُ حَاضِرُ كُلِّ نَجْوَى، وَمَعَ كُلِّ أَحَدٍ مِنْ فَوْقِ الْعَرْشِ بِعِلْمِهِ، لِأَنَّ عَلِمَهُ بِهِمْ مُحِيطٌ، وَبَصَرَهُ فِيهِمْ نَافِذٌ، لَا يَحْجُبُهُ شَيْءٌ عَنْ عِلْمِهِ وَبَصَرِهِ، وَلَا يَتَوَارَوْنَ مِنْهُ بشَيْءٍ، وَهُوَ بِكَمَالِهِ فَوْقَ الْعَرْشِ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: 7] . أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِهِمْ مِنْ فَوْقِ الْعَرْشِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ، قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ عَنْهُ شَيْءٌ، وَلَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ، فَهُوَ كَذَلِكَ رَابِعُهُمْ -[43]-، وَخَامِسُهُمْ، وَسَادِسُهُمْ، لَا أَنَّهُ مَعَهُمْ بِنَفْسِهِ فِي الْأَرْضِ كَمَا ادَّعَيْتُمْ، وَكَذَلِكَ فَسَّرَتْهُ الْعُلَمَاءُ.
54 - فَقَالَ بَعْضُهُمْ: دَعُونَا مِنْ تَفْسِيرِ الْعُلَمَاءِ، إِنَّمَا احْتَجَجْنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، فَأْتُوا بِكِتَابِ اللَّهِ
55 - قُلْنَا: نَعَمْ، هَذَا الَّذِي احْتَجَجْتُمْ بِهِ هُوَ حَقٌّ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَبِهَا نَقُولُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا، غَيْرَ أَنَّكُمْ جَهِلْتُمْ مَعْنَاهُ، فَضَلَلْتُمْ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَتَعَلَّقْتُمْ بِوَسَطِ الْآيَةِ، وَأَغْفَلْتُمْ فَاتِحَتَهَا وَخَاتِمَتَهَا، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَتَحَ الْآيَةَ بِالْعِلْمِ بِهِمْ، وَخَتَمَهَا بِهِ، فَقَالَ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: 7] . فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الْعِلْمَ بِهِمْ وَبِأَعْمَالِهِمْ، لَا أَنَّهُ نَفْسُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ مَعَهُمْ كَمَا زَعَمْتُمْ، فَهَذِهِ حُجَّةٌ بَالِغَةٌ لَوْ عَقَلْتُمْ، وَأُخْرَى: أَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] . وَ {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: 29] . وَقَوْلَهُ: {ذِي الْمَعَارِجِ، تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 3] . وَقَوْلَهُ: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة: 5] . وَ {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] . {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18] . وَ {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55] . وَمَا أَشْبَهَهَا -[44]- مِنَ الْقُرْآنِ آمَنَّا بِهِ، وَعَلِمْنَا يَقِينًا بِلَا شَكٍّ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ عَرْشِهِ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ كَمَا وَصَفَ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، فَحِينَ قَالَ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} . قُلْنَا: هُوَ مَعَهُمْ بِالْعِلْمِ الَّذِي افْتَتَحَ بِهِ الْآيَةَ وَخَتَمَهَا، لِأَنَّهُ قَالَ: فِي آيٍ كَثِيرَةٍ مَا حَقَّقَ أَنَّهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، فَوْقَ سَمَوَاتِهِ، فَهُوَ كَذَلِكَ لَا شَكَّ فِيهِ، فَلَمَّا أَخْبَرَ أَنَّهُ مَعَ كُلِّ ذِي نَجْوَى، قُلْنَا: عِلْمُهُ وَبَصَرُهُ مَعَهُمْ، وَهُوَ بِنَفْسِهِ عَلَى الْعَرْشِ بِكَمَالِهِ كَمَا وَصَفَ، لِأَنَّهُ لَا يَتَوَارَى مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَا يَفُوتُ عِلْمَهُ وَبَصَرَهُ شَيْءٌ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ الْعُلْيَا، وَلَا تَحْتَ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَى، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى لِمُوسَى وَهَارُونَ: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46] مِنْ فَوْقِ الْعَرْشِ.
56 - فَهَلْ مِنْ حُجَّةٍ أَشْفَى وَأَبْلَغَ مِمَّا احْتَجَجْنَا بِهِ عَلَيْكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ الرِّوَايَاتُ لِتَحْقِيقِ مَا قُلْنَا مُتَظَاهِرَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ، سَنَأْتِي مِنْهَا بِبَعْضِ مَا حَضَرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ إِجْمَاعٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، الْعَالِمِينَ مِنْهُمْ وَالْجَاهِلِينَ، أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّنْ مَضَى وَمِمَّنْ غَبَرَ إِذَا اسْتَغَاثَ بِاللَّهِ تَعَالَى، أَوْ دَعَاهُ، أَوْ سَأَلَهُ، يَمُدُّ يَدَيْهِ وَبَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ يَدْعُوهُ مِنْهَا، وَلَمْ يَكُونُوا يَدْعُوهُ مِنْ أَسْفَلِ مِنْهُمْ مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ، وَلَا مِنْ أَمَامِهِمْ، وَلَا مِنْ خَلْفِهِمْ، وَلَا عَنْ أَيْمَانِهِمْ، وَلَا عَنْ شَمَائِلِهِمْ، إِلَّا مِنْ فَوْقِ السَّمَاءِ، لِمَعْرِفَتِهِمْ بِاللَّهِ أَنَّهُ فَوْقَهُمْ، حَتَّى اجْتَمَعَتِ الْكَلِمَةُ مِنَ الْمُصَلِّينَ فِي سُجُودِهِمْ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، لَا تَرَى أَحَدًا يَقُولُ: رَبِّيَ الْأَسْفَلِ، حَتَّى لَقَدْ عَلِمَ فِرْعَوْنُ -[45]- فِي كُفْرِهِ وَعُتُوِّهِ عَلَى اللَّهِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَوْقَ السَّمَاءِ، فَقَالَ: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} .
57 - فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ بَيَانٌ بَيِّنٌ وَدِلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ أَنَّ مُوسَى كَانَ يَدْعُو فِرْعَوْنَ إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ بِأَنَّهُ فَوْقَ السَّمَاءِ، فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَمَرَ بِبِنَاءِ الصَّرْحِ، وَرَامَ الِاطِّلَاعَ إِلَيْهِ.
58 - وَكَذَلِكَ نَمْرُودُ - فِرْعَوْنُ - إِبْرَاهِيمَ، اتَّخَذَ التَّابُوتَ وَالنُّسُورَ، وَرَامَ الِاطِّلَاعَ إِلَى اللَّهِ لَمَّا كَانَ يَدْعُوهُ إِبْرَاهِيمُ إِلَى أَنَّ مَعْرِفَتَهُ فِي السَّمَاءِ.
59 - وَكَذَلِكَ كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو إِلَيْهِ النَّاسَ، وَيَمْتَحِنُ بِهِ إِيمَانَهُمْ بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
اسم الکتاب :
الرد على الجهمية
المؤلف :
الدارمي، أبو سعيد
الجزء :
1
صفحة :
40
««الصفحة الأولى
«الصفحة السابقة
الجزء :
1
الصفحة التالیة»
الصفحة الأخيرة»»
««اول
«قبلی
الجزء :
1
بعدی»
آخر»»
صيغة PDF
شهادة
الفهرست
إن مکتبة
مدرسة الفقاهة
هي مكتبة مجانية لتوثيق المقالات
www.eShia.ir