responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرد على الجهمية المؤلف : الدارمي، أبو سعيد    الجزء : 1  صفحة : 136
235 - وَقَوْلُهُ: {§وَقَضَيْنَا} [الإسراء: 4] قَالَ مُجَاهِدٌ: «كَتَبْنَا» ، كَذَلِكَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ
-[137]-

236 - وَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] . سَبَقَتْ لَهُمُ الْحُسْنَى مِنَ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقُوا لِعِلْمِ اللَّهِ فِيهِمْ، فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يَتَعَدَّوْا شَيْئًا عَلِمَهُ اللَّهُ فِيهِمْ. وَقَالَ: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ، إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ، وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: 172] . وَأَخْبَرَ عَنْ أَعْمَالِ قَوْمٍ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلُوهَا. وَقَالَ: {وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [هود: 48] . فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِتَمْتِيعِهِمْ وَمَسِّ الْعَذَابِ إِيَّاهُمْ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقُوا، قَالَ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3] . رُوِيَ فِي بَعْضِ التَّفَاسِيرِ أَنَّهُمُ الْأَعَاجِمُ، أَخْبَرَ اللَّهُ بِدُخُولِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوا.

237 - وَقَالَ لِأَهْلِ بَدْرٍ حِينَ أَخَذُوا الْفِدَاءَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 68] . يَقُولُ: لَوْلَا مَا سَبَقَ لِأَهْلِ بَدْرٍ مِنَ السَّعَادَةِ لَمَسَّهُمُ الْعَذَابَ فِي أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَهْلُ بَدْرٍ أَنْ لَا يَأْخُذُوهُ، وَلَوْ حَرَصُوا عَلَى تَرْكِهِ. وَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ، وَلَوْ جَاءَتْهُمْ -[138]- كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوَا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} . وَقَالَ: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام: 28] . وَقَالَ: {إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} . وَقَالَ: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} . فَسَبَقْتُ لَهُمْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقُوا، وَالدُّعَاءُ لِمَنْ سَبَقَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَدْعُوا.

238 - وَقَالَ: {فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ، وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ} [الدخان: 23] . فَأَخْبَرَ اللَّهُ بِاتِّبَاعِهِمْ وَإِغْرَاقِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ.

239 - وَقَالَ: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفَيْنَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: 118] . فَأَخْبَرَ بِاخْتِلَافِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا.

240 - وَقَالَ: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا، لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ، وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ، وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} [الجن: 26] .

241 - وَقَالَ: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ، وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ، وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [الأنفال: 22] . وَلَكِنْ عَلِمَ مِنْهُمْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَصَارُوا إِلَى مَا عَلِمَ مِنْهُمْ. وَأَخْبَرَ بِعِلْمِهِ فِي قَوْمٍ فَقَالَ: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 6] . وَأَخْبَرَ عَنْ قَوْمٍ آخَرِينَ فَقَالَ: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [المؤمنون: 75]
-[139]-.

242 - فَمَنْ آمَنَ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَصَدَّقَ رُسُلَ اللَّهِ اكْتَفَى بِبَعْضِ مَا ذَكَرْنَا فِي عِلْمِ اللَّهِ السَّابِقِ فِي الْخَلْقِ وَأَعْمَالِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلُوهَا، وَمَنْ يُحْصِي مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَفِي آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ فِي إِثْبَاتِ عِلْمِ اللَّهِ لَهُ وَالْإِقْرَارِ بِهِ، وَيَكْفِي فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَقَلُّ مِمَّا جَمَعْنَا، وَلَكِنْ جَمَعْنَاهَا لِيَتَدَبَّرَهَا أَهْلُ الْعُقُولِ وَالْأَفْهَامِ فَيَعْرِفُوا ضَلَالَةَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَخْرَجُوا اللَّهَ مِنَ الْعِلْمِ وَنَفَوْهُ عَنْهُ، وَجَعَلُوهُ فِي الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ كَالْخَلْقِ سَوَاءً، فَقَالُوا: كَمَا لَا يَعْلَمُ الْخَلْقُ بِالشَّيْءِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ، فَكَذَلِكَ اللَّهُ بِزَعْمِهِمْ لَا يَعْلَمُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ. فَمَا فَضْلُ عَلَّامِ الْغُيُوبِ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى عَلَى الْمَخْلُوقِ الَّذِي لَا يَعْلَمُ شَيْئًا إِلَّا مَا عَلَّمَهُ اللَّهُ.

243 - وَهَذَا الْمَذْهَبُ الَّذِي ادَّعَوْهُ فِي عِلْمِ اللَّهِ قَدْ وَافَقَهُمْ عَلَى بَعْضِهِ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ، لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى مَذْهَبُ الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا إِلَّا بِرَدِّ عِلْمِ اللَّهِ، فَكَفَى بِهِ ضَلَالًا، وَلِأَنَّهُمْ مَتَى مَا أَقَرُّوا بِعِلْمٍ سَابِقٍ خُصِمُوا، كَذَلِكَ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ

اسم الکتاب : الرد على الجهمية المؤلف : الدارمي، أبو سعيد    الجزء : 1  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست