responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البعث والنشور المؤلف : البيهقي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 336
§حَدِيثُ الصُّورِ

609 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ النَّسَوِيُّ، ثنا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زُهَيْرٍ الْحُلْوَانِيُّ، ثنا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فِينَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَقَالَ: «إِنَّ §اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ خَلَقَ الصُّورَ، فَأَعْطَاهُ إِسْرَافِيلَ، فَهُوَ وَاضِعُهُ عَلَى فِيهِ شَاخِصٌ بِبَصَرِهِ إِلَى الْعَرْشِ يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ» ، فقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: ومَا الصُّورُ؟ قَالَ: «الْقَرْنُ» وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ -[337]- رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، ثنا أَبُو قِلَابَةَ الرَّقَاشِيُّ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَذَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ الْأُسْتَاذُ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَلَمْ يَأْذَنْ فِي قِرَاءَةِ الْمَتْنِ، فَكَتَبَ الْمَتْنَ مِنْ كِتَابِهِ، وَكَانَ فِيهِ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ خَلَقَ الصُّورَ، فَأَعْطَاهُ إِسْرَافِيلَ، فَهُوَ وَاضِعُهُ عَلَى فِيهِ شَاخِصٌ بِبَصَرِهِ إِلَى الْعَرْشِ يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ» ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الصُّورُ؟ قَالَ: «الْقَرْنُ» ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ هُوَ؟ قَالَ: " عَظِيمٌ، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، إِنَّ عِظَمَ دَائِرَةٍ فِيهِ كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَيَنْفُخُ فِيهِ ثَلَاثَ نَفْخَاتٍ: الْأُولَى نَفْخَةُ الْفَزَعِ، وَالثَّانِيَةُ نَفْخَةُ الصَّعْقِ، وَالثَّالِثَةُ نَفْخَةُ الْقِيَامِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، فَيَأْمُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِسْرَافِيلَ بِالنَّفْخَةِ الْأُولَى فَيَقُولُ: انْفُخْ نَفْخَةَ الْفَزَعِ، فَيَنْفُخُ نَفْخَةَ الْفَزَعِ، فَيَفْزَعُ أَهْلُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، فَيَأْمُرُهُ فَيَمُدُّهَا وَيُطِيلُهَا، وَلَا يَفْتُرُ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ} [ص: 15] ، فَيُسَيِّرُ اللَّهُ الْجِبَالَ، فَتَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ، فَتَكُونُ سَرَابًا، فَتَرُجُّ الْأَرْضَ بِأَهْلِهَا رَجًّا، فَتَكُونُ كَالسَّفِينَةِ الْمُوقِرَةِ فِي الْبَحْرِ تَضْرِبُهَا الرِّيَاحُ وَتَكْفِيهَا الرِّيَاحُ، أَوْ كَالْقِنْدِيلِ الْمُعَلَّقِ بِالْعَرْشِ تُرَجِّحُهُ الْأَرْوَاحُ، وَهِيَ -[338]- الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ} [النازعات: 7] ، فَتَمْتَدُّ الْأَرْضُ بِالنَّاسِ عَلَى ظَهْرِهَا، فَتَذْهَلُ الْمَرَاضِعُ، وَتَضَعُ الْحَوَامِلُ، وَيَشِيبُ الْوِلْدَانُ، وَتَطِيرُ الشَّيَاطِينُ هَارِبَةً مِنَ الْفَزَعِ، حَتَّى تَأْتِيَ الْأَقْطَارَ، فَتَلْقَاهَا الْمَلَائِكَةُ تَضْرِبُ وُجُوهَهَا، فَتَرْجِعُ فَتُوَلِّي النَّاسَ مُدْبِرِينَ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ، يُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ التَّنَادِ} [غافر: 32] ، بَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ تَصَدَّعَتِ الْأَرْضُ، فَانْصَدَعَتْ مِنْ قُطْرٍ إِلَى قُطْرٍ، فَرَأَوْا أَمْرًا عَظِيمًا لَمْ يَرَوْا مِثْلَهُ، وَأَخَذَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْكَرْبُ وَالْهَوْلُ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ، ثُمَّ نَظَرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا هِيَ كَالْمُهْلِ، ثُمَّ انْشَقَّتْ فَانْتَثَرَتْ نُجُومُهَا، فَانْخَسَفَتْ شَمْسُهَا وَقَمَرُهَا "، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالْأَمْوَاتُ يَوْمَئِذٍ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ» ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمَنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَيْثُ قَالَ: {فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} ، قَالَ: " أُولَئِكَ هُمُ الشُّهَدَاءُ، فَإِنَّمَا يَصِلُ الْفَزَعُ إِلَى الْأَحْيَاءِ، وَهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، وَقَاهُمُ اللَّهُ فَزَعَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَأَمَّنَهُمْ، وَهُوَ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى شِرَارِ خَلْقِهِ، وَالَّذِي يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1] ، إِلَى قَوْلِهِ: {وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج: 2] ، فَيَمْكُثُونَ فِي ذَلِكَ الْبَلَاءِ مَا شَاءَ اللَّهُ إِلَّا أَنَّهُ يُطَوَّلُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ إِسْرَافِيلَ، فَيَنْفُخُ نَفْخَةَ الصَّعْقِ، فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِذَا خَمَدُوا جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى الْجَبَّارِ فَيَقُولُ: قَدْ مَاتَ أَهْلُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شِئْتَ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ: مَنْ بَقِيَ؟ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، بَقِيتَ أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا تَمُوتُ، وَبَقِيَتْ حَمَلَةُ الْعَرْشِ، وَبَقِيَ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ، وَبَقِيَتُ أَنَا، فَيَقُولُ جَلَّ وَعَزَّ: فَيَمُوتُ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ، فَيُنْطِقُ اللَّهُ الْعَرْشَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، يَمُوتُ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ، فَيَقُولُ: اسْكُتْ، إِنِّي كَتَبْتُ الْمَوْتَ عَلَى كُلِّ مَنْ تَحْتَ عَرْشِي، فَيَمُوتَانِ، ثُمَّ يَأْتِي مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى الْجَبَّارِ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، قَدْ مَاتَ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ، فَيَقُولُ وَهُوَ أَعْلَمُ: فَمَنْ بَقِيَ؟ فَيَقُولُ: بَقِيتَ أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَبَقِيَتْ حَمَلَةُ -[339]- عَرْشِكَ، وَبَقِيَتُ أَنَا، فَيَقُولُ: لِيَمُتْ حَمَلَةُ عَرْشِي، فَيَمُوتُوا، فَيَأْمُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعَرْشَ فَيَقْبِضُ الصُّورَ مِنْ إِسْرَافِيلَ، ثُمَّ يَقُولُ: لِيَمُتْ إِسْرَافِيلُ، فَيَمُوتُ، ثُمَّ يَأْتِي مَلَكُ الْمَوْتِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، قَدْ مَاتَ حَمَلَةُ عَرْشِكَ، فَيَقُولُ وَهُوَ أَعْلَمُ: فَمَنْ بَقِيَ؟ فَيَقُولُ: بَقِيَتَ أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَبَقِيَتُ أَنَا، فَيَقُولُ: أَنْتَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِي، خَلَقْتُكَ لِمَا رَأَيْتَ فَمُتْ، فَيَمُوتُ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهَ الْوَاحِدَ الْأَحَدَ الصَّمَدَ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فَكَانَ آخِرًا كَمَا كَانَ أَوَّلًا، طَوَى السَّمَوَاتِ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكِتَابِ، ثُمَّ دَحَاهَا، ثُمَّ تَلَقَّفَهُمَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا الْجَبَّارُ، ثُمَّ يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ يَقُولُ لِنَفْسِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ، فَيَبْسُطُهَا بَسْطًا يَمُدُّهَا مَدَّ الْأَدِيمِ الْعُكَاظِيِّ، لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا، ثُمَّ يَزْجُرُ اللَّهُ الْخَلْقَ زَجْرَةً وَاحِدَةً، فَإِذَا هُمْ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ الْمُبَدَّلَةِ فِي مِثْلِ مَا كَانُوا مِنْهُ مِنَ الْأُولَى، مَنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا كَانَ فِي بَطْنِهَا، وَمَنْ كَانَ عَلَى ظَهْرِهَا كَانَ عَلَى ظَهْرِهَا، ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مَاءً مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ كَمَنِيِّ الرِّجَالِ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، حَتَّى يَكُونَ فَوْقَهُمُ اثْنَا عَشَرَ ذِرَاعًا، وَيَأْمُرُ اللَّهُ الْأَجْسَادَ أَنْ تَنْبُتَ كَنَبَاتِ الطَّرَاثِيثِ أَوْ كَنَبَاتِ الْبَقْلِ، حَتَّى إِذَا تَكَامَلَتْ أَجْسَادُهُمْ، فَكَانَتْ كَمَا كَانَتْ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لِيَحْيَا حَمَلَةُ الْعَرْشِ، فَيَحْيَوْنَ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ: لِيَحْيَا جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ فَيَحْيَوْنَ، فَيَأْمُرُ اللَّهُ إِسْرَافِيلَ، فَيَأْخُذُ الصُّورَ، فَيَضَعُهُ عَلَى فِيهِ، ثُمَّ يَدْعُو اللَّهُ بِالْأَرْوَاحِ فَيُؤْتَى بِهَا يَتَوَهَّجُ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ نُورًا، وَالْأُخْرَى ظُلْمَةً، فَيَقْبِضُهَا جَمِيعًا، ثُمَّ يُلْقِيهَا فِي الصُّورِ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ إِسْرَافِيلَ أَنْ يَنْفُخَ نَفْخَةَ الْبَعْثِ، فَتَخْرُجُ الْأَرْوَاحُ كَأَنَّهَا النَّحْلُ قَدْ مَلَأَتْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَيَقُولُ اللَّهُ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي، لَيَرْجِعَنَّ كُلُّ رُوحٍ إِلَى جَسَدِهِ، فَتَدْخُلُ الْأَرْوَاحُ فِي الْخَيَاشِيمِ، ثُمَّ تَمْشِي فِي الْأَجْسَادِ مَشْيَ السُّمِّ فِي اللَّدِيغِ، ثُمَّ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا، فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، فَتَخْرُجُونَ مِنْهَا إِلَى رَبِّكُمْ -[340]- تَنْسِلُونَ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي، فَيَقُولُ الْكَافِرُونَ: {هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ} [القمر: 8] ، حُفَاةً، عُرَاةً، غُرْلًا، ثُمَّ يَقِفُونَ مَوْقِفًا وَاحِدًا مِقْدَارَ سَبْعِينَ عَامًا لَا يَنْظُرُ إِلَيْكُمْ، وَلَا يَقْضِي بَيْنَكُمْ، فَتَبْكُونَ حَتَّى تَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ، ثُمَّ تَدْمَعُونَ دَمًا تَعْرِقُونَ، حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ مِنْكُمْ أَنْ يُلْجِمَكُمْ أَوْ يَبْلُغَ الْأَذْقَانَ، فَتُصْبِحُونَ فَتَقُولُونَ: مَنْ يَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّنَا، فَيَقْضِي بَيْنَنَا فَيَقُولُ: مَنْ أَحَقُّ مِنْ أَبِيكُمْ آدَمَ خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، وَكَلَّمَهُ قِبَلًا، فَتَأْتُونَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَتَطْلُبُونَ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَيَأْبَى وَيَقُولُ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ "، فَيَأْتُونَ الْأَنْبِيَاءَ نَبِيًّا نَبِيًّا، كُلَّمَا جَاءُوا نَبِيًّا يَأْبَى عَلَيْهِمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَتَّى يَأْتُونِي فَأَنْطَلِقُ مَعَهُمْ، فَآتِي الْفَحْصَ فَأَخِرُّ سَاجِدًا» ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْفَحْصُ؟ قَالَ: " قُدَّامُ الْعَرْشِ، حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ مَلَكًا فَيَأْخُذُ بِعَضُدِي فَيَقُولُ لِي: يَا مُحَمَّدُ، فَأَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: مَا شَأْنُكَ؟ "، وَهُوَ أَعْلَمُ قَالَ: " فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، وَعَدْتَنِي الشَّفَاعَةَ، وَشَفَّعْتَنِي فِي خَلْقِكَ، فَاقْضِ بَيْنَهُمْ، فَيَقُولُ اللَّهُ: قَدْ شَفَّعْتُكَ أَنَا آتِيهِمْ فَأَقْضِي بَيْنَهُمْ "، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَأَرْجِعُ فَأَقِفُ مَعَ النَّاسِ، فَبَيْنَا نَحْنُ وُقُوفٌ إِذْ سَمِعْنَا حَسًّا مِنَ السَّمَاءِ شَدِيدًا، فَهَالَ فَنَزَلَ أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِمِثْلَيْ مَنْ فِي الْأَرْضِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الْأَرْضِ أَشْرَقَتْ بِنُورِهِمْ، وَأَخَذُوا مَصَافَّهُمْ، قَالَ: قُلْنَا لَهُمْ: دُونَكُمُ اللَّهُ، قَالُوا: لَا، ثُمَّ تَنْزِلُ أَهْلُ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ بِمِثْلَيْ مَنْ نَزَلَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَمِثْلَيْ مِنْ فِيهَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الْأَرْضِ أَشْرَقَتْ بِنُورِهِمْ وَأَخَذُوا مَصَافَّهُمْ، ثُمَّ ذَكَرُوا نُزُولَ أَهْلِ كُلِّ سَمَاءٍ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّضْعِيفِ، ثُمَّ يَنْزِلُ الْجَبَّارُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةِ، {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة: 17] ، وَهُوَ الْيَوْمُ، أَرْبَعَةُ أَقْدَامِهِمْ عَلَى نُجُومِ الْأَرْضِ السُّفْلَى، وَالْأَرْضُ إِلَى حُجَزِهِمْ، وَالْعَرْشُ عَلَى مَنَاكِبِهِمْ، لَهُمْ زَجَلٌ بِالتَّسْبِيحِ، يَقُولُونَ سُبْحَانَ ذِي الْعَرْشِ وَالْجَبَرُوتِ، سُبْحَانَ ذِي -[341]- الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ، سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، سُبْحَانَ الَّذِي يُمِيتُ الْخَلَائِقَ وَلَا يَمُوتُ، سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، سُبْحَانَ رَبِّنَا الْأَعْلَى رَبِّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ، الَّذِي يُمِيتُ الْخَلْقَ وَلَا يَمُوتُ. فَيَضَعُ اللَّهُ كُرْسِيَّهُ حَيْثُ شَاءَ مِنْ أَرْضِهِ، ثُمَّ يَهْتِفُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَائِلًا: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، إِنِّي قَدْ أَنْصَتُّ لَكُمْ مُذْ خَلَقْتُكُمْ إِلَى يَوْمِكُمْ هَذَا، أَسْمَعُ قَوْلَكُمْ، وَأُبْصِرُ أَعْمَالَكُمْ، فَاسْمَعُوا إِلَيَّ، فَإِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ وَصُحُفُكُمْ تُقْرَأُ عَلَيْكُمْ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ جَهَنَّمَ، فَيَخْرُجُ مِنْهَا عُنُقٌ سَاطِعٌ مُظْلِمٌ، ثُمَّ يَقُولُ: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يس: 60] ، إِلَى قَوْلِهِ: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} [يس: 59] ، فَيُمَيِّزُ اللَّهُ النَّاسَ، وَتَجْثُوا الْأُمَمُ، وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا} [الجاثية: 28] ، فَيَقْضِي اللَّهُ بَيْنَ خَلْقِهِ إِلَّا الثَّقَلَّيْنِ الْإِنْسَ وَالْجِنَّ، فَيَقْضِي بَيْنَ الْوَحْشِ وَالْبَهَائِمِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُقِيدُ لِلْجَمَّاءِ مِنْ ذَاتِ الْقَرْنِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَبْقَ تَبَعَةٌ عِنْدَ وَاحِدَةٍ لِلْأُخْرَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كُونِي تُرَابًا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} [النبأ: 40] ، فَيَقْضِي اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَكُونُ أَوَّلَ مَا يَقْضِي فِيهِ الدِّمَاءُ، فَيَأْتِي كُلُّ قَتِيلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَأْمُرُ اللَّهُ كُلَّ قَتِيلٍ فَيُحْمَلُ رَأْسَهُ، وَأَوْدَاجُهُ تَشْخَبُ دَمًا، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي؟ فَيَقُولُ وَهُوَ أَعْلَمُ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لَكَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: صَدَقْتَ، فَيَجْعَلُ اللَّهُ وَجْهَهُ مِثْلَ نُورِ الشَّمْسِ، ثُمَّ تُشَيِّعُهُ الْمَلَائِكَةُ إِلَى الْجَنَّةِ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ كُلَّ قَتِيلٍ قُتِلَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَيَأْتِي يَحْمِلُ رَأْسَهُ، وَيَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا، وَيَقُولُ: يَا رَبِّ، سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي؟ فَيَقُولُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِي، فَيَقُولُ اللَّهُ: تَعِسْتَ، ثُمَّ -[342]- لَا يَبْقَى بَشَرَةٌ قَتَلَهَا إِلَّا قُتِلَ بِهَا، وَلَا مَظْلَمَةٌ ظَلَمَهَا إِلَّا أُخِذَ بِهَا، ثُمَّ يَصِيرُ فِيمَا بَقِيَ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَحِمَهُ، ثُمَّ يَقْضِي بَيْنَ مَنْ بَقِيَ مِنْ خَلْقِهِ، حَتَّى لَا يُبْقِي مَظْلَمَةً عِنْدَ أَحَدٍ إِلَّا أَخَذَهَا الْمَظْلُومُ مِنَ الظَّالِمِ، حَتَّى إِنَّهُ لَوْ كُلِّفَ شَائِبُ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ أَنْ يُقَلِّبَهُ حَتَّى يُخَلِّصَ اللَّبَنَ مِنَ الْمَاءِ، فَإِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ نَادَى مُنَادٍ يُسْمِعُ الْخَلَائِقَ كُلَّهُمْ فَيَقُولُ: أَلَا لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِآلِهَتِهِمْ، وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ عَبَدَ شَيْئًا مِنْ دُونِ اللَّهِ إِلَّا مُثِّلَتْ لَهُ آلِهَتُهُ، وَيَجْعَلُ اللَّهُ تَعَالَى مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَى صُورَةِ عُزَيْرٍ، وَيَجْعَلُ اللَّهُ مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَى صُورَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَيَتَّبِعُ الْيَهُودُ عُزَيْرًا، وَيَتَّبِعُ النَّصَارَى عِيسَى، ثُمَّ تَقُودُهُمْ آلِهَتُهُمْ إِلَى النَّارِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ: {لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأنبياء: 99] ، وَإِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ، وَفِيهِمُ الْمُنَافِقُونَ، جَاءَهُمُ اللَّهُ فِيمَا شَاءَ مِنْ هَيْئَةٍ، فَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ مَا لَنَا إِلَهٌ إِلَّا اللَّهُ، وَمَا كُنَّا نَعْبُدُ غَيْرَهُ، فَيُكْشَفُ لَهُمْ عَنْ سَاقٍ وَيَتَجَلَّى لَهُمْ، وَيُظْهِرُ لَهُمْ مِنْ عَظَمَتِهِ مَا يَعْرِفُونَ بِهِ أَنَّهُ رَبُّهُمْ فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَيَخِرُّ كُلُّ مُنَافِقٍ عَلَى قَفَاهُ، وَيَجْعَلُ اللَّهُ تَعَالَى أَصْلَابَهُمْ كَصَيَاصِيِّ الْبَقَرِ، ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُمْ فَيَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ، وَيَضْرِبُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الصِّرَاطَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ كَعَدَدِ أَوْ كَعَقْدِ الشَّعْرِ أَوْ كَحَدِّ السَّيْفِ، عَلَيْهِ كَلَالِيبُ، وَخَطَاطِيفُ، وَحَسَكٌ كَحَسَكِ السَّعْدَانِ، دُونَهُ جِسْرٌ دَحْضٌ -[343]- مَزِلَّةٌ، فَيَمُرُّونَ كَطُرُوفِ الْعَيْنِ أَوْ كَلَمْحِ الْبَرْقِ أَوْ كَمَرِّ الرِّيحِ أَوْ كَجِيَادِ الْخَيْلِ أَوْ كَجِيَادِ الرِّيَاحَاتِ أَوْ كَجِيَادِ الرِّجَالِ، فَنَاجٍ سَالِمٌ، وَمَخْدُوشٌ، وَمَكْدُوشٌ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَهَنَّمَ، فَإِذَا أَفْضَى أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ قَالُوا: مَنْ يَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّنَا، فَنَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُونَ: مَنْ أَحَقُّ مِنْ أَبِيكُمْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، وَكَلَّمَهُ قِبَلًا، وَأَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ، فَيَأْتُونَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيَطْلُبُونَ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَيَذْكُرُ ذَنْبًا، فَيَقُولُ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِنُوحٍ؛ فَإِنَّهُ أَوَّلُ رُسُلِ اللَّهِ، فَيُؤْتَى نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَيَذْكُرُ ذَنْبًا، فَيَقُولُ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اتَّخَذَهُ خَلِيلًا، فَيُؤْتَى، فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَيَذْكُرُ ذَنْبًا، فَيَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَرَّبَهُ نَجِيًّا، وَكَلَّمَهُ تَكْلِيمًا، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ، فَيُؤْتَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَيَذْكُرُ ذَنْبًا، فَيَقُولُ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِرُوحِ اللَّهِ وَكَلِمَتِهِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَيُؤْتَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَيَقُولُ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَأْتُونِي وَلِي عِنْدَ رَبِّي ثَلَاثُ شَفَاعَاتٍ وَعَدَنِيهُنَّ، فَأَنْطَلِقُ فَآتِي الْجَنَّةَ، فَآخُذُ بِحَلْقَةِ الْبَابِ، ثُمَّ أَسْتَفْتِحُ، فَيُفْتَحُ لِي فَأُحَيَّا وَيُرَحَّبُ بِي، فَإِذَا أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ، فَنَظَرْتُ إِلَى رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَرَرْتُ سَاجِدًا، فَيَأْذَنُ اللَّهُ لِي مِنْ حَمْدِهِ وَتَمْجِيدِهِ شَيْئًا مَا أَذِنَ بِهِ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، فَإِذَا رَفَعْتُ رَأْسِي، قَالَ اللَّهُ وَهُوَ أَعْلَمُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، وَعَدْتَنِي الشَّفَاعَةَ، فَشَفِّعْنِي فِي أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَدْ شَفَّعْنَاكَ، وَأَذِنْتُ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ "، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، مَا أَنْتُمْ فِي الدُّنْيَا بِأَعْرَفَ بِأَزْوَاجِكُمْ وَمَسَاكِنِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِأَزْوَاجِهِمْ وَبِمَسَاكِنِهِمْ، فَيَدْخُلُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِمَّا يُنْشِيءُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَثِنْتَيْنِ آدَمَيَّتَيْنِ مِنْ وَلَدِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ لِعِبَادَتِهِمَا اللَّهَ فِي الدُّنْيَا، فَيَدْخُلُ الْأَوَّلُ مِنْهُمْ فِي غُرْفَةٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلٍ بِاللُّؤْلُؤِ، وَعَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ، ثُمَّ يَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهَا، ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى يَدِهِ مِنْ صَدْرِهَا مِنْ وَرَاءِ ثِيَابِهَا وَجِلْدِهَا وَلَحْمِهَا، وَإِنَّهُ لَيَنْظُرُ إِلَى مُخِّ سَاقِهَا، كَمَا يَنْظُرُ أَحَدُكُمْ إِلَى السِّلْكِ فِي قَصَبَةِ الْيَاقُوتِ، كَبِدُهَا لَهُ -[344]- مَرْآةٌ وَكَبِدُهُ لَهَا مَرْآةٌ، فَبَيْنَمَا هُوَ عِنْدَهَا لَا يَمَلُّهَا وَلَا تَمَلُّهُ، مَا يَأْتِيهَا مَرَّةً إِلَّا وَجَدَهَا عَذْرَاءَ، مَا يَفْتُرُ ذَكَرُهُ، وَلَا يَشْتَكِي قُبُلُهَا، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ نُودِيَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا أَنَّكَ لَا تَمَلُّ، إِلَّا أَنَّهُ لَا مَنِيَّ وَلَا مَنِيَّةَ، إِلَّا أَنَّ لَكَ أَزْوَاجًا غَيْرَهَا، فَيَخْرُجُ فَيَأْتِيهُنَّ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، كُلَّمَا جَاءَ وَاحِدَةً قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَرَى فِي الْجَنَّةِ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْكَ، وَمَا فِي الْجَنَّةِ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْكَ، فَإِذَا رُفِعَ أَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ رُفِعَ فِيهَا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ رَبِّكَ قَدْ أَوْبَقَتْهُمْ أَعْمَالُهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى قَدَمَيْهِ لَا تُجَاوِزُ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى حِقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ فِي جَسَدِهِ كُلِّهِ إِلَّا وَجْهَهُ يُحَرِّمُ اللَّهُ تَعَالَى صُورَتَهُمْ عَلَيْهَا ". قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، مَنْ وَقَعَ فِي النَّارِ مِنْ أُمَّتِي، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ عَرَفْتُمْ، فَخَرَجَ أُولَئِكَ، حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الشَّفَاعَةِ، فَلَا يَبْقَى نَبِيُّ، وَلَا شَهِيدٌ، إِلَّا شَفِعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ زِنَةَ الدِّينَارِ، فَيَخْرُجُ أُولَئِكَ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُم أَحَدٌ، ثُمَّ يَشْفَعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: أَخْرِجُوا مَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ ثُلُثَيِ الدِّينَارِ إِيمَانًا، وَنِصْفَ وَرُبُعَ دِينَارٍ، ثُمَّ يَقُولُ: قِيرَاطٌ، وَيَقُولُ: حَبَّةٌ مِنْ خَرْدَلٍ، فَيَخْرُجُ أُولَئِكَ حَتَّى لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَحَتَّى لَا يَبْقَى أَحَدٌ لَهُ شَفَاعَةٌ إِلَّا شَفَعَ، حَتَّى إِنَّ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ لَيَتَطَاوَلُ لِمَا يَرَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ رَجَاءَ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ: بَقِيَتُ أَنَا، وَأَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيُخْرِجُ مِنْهَا مَا لَا يُحْصِيهِ كَثْرَةً، كَأَنَّهُمُ الْجَمْرُ يُثَبِّتُهُمُ اللَّهُ عَلَى نَهَرٍ يُقَالُ لَهُ: الْحَيَوَانُ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، مَا يَلِي الشَّمْسَ مِنْهَا أُخَيْضِرُ، وَمَا يَلِي الظِّلَّ مِنْهَا أُصَيْفِرُ، فَيَنْبُتُونَ كَنَبَاتِ الطَّرَاثِيثِ، حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَ الدُّرِّ مَكْتُوبَةً فِي رِقَابِهِمُ الْجَهَنَّمِيُّونَ عُتَقَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ بِذَلِكَ الْكِتَابِ، مَا عَمِلُوا خَيْرًا قَطُّ، فَيَمْكُثُونَ فِي الْجَنَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَذَلِكَ الْكِتَابُ فِي رِقَابِهِمْ، ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا، امْحُ عَنَّا هَذَا الْكِتَابَ، فَيَمْحَاهُ عَنْهُمْ "

اسم الکتاب : البعث والنشور المؤلف : البيهقي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 336
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست