responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اعتلال القلوب المؤلف : الخرائطي    الجزء : 1  صفحة : 217
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْأَجَلُّ الْإِمَامُ الْعَالِمُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ عَلِيٍّ الْغَزْنَوِيُّ أَيَّدَهُ اللَّهُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالْقَاهِرَةِ، ثَامِنَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْكَرَمِ الْمُبَارَكُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الشَّهْرَزُورِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ فِي شُهُورِ سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَاجِبُ الْجَلِيلُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَّافُ قِرَاءَةُ عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ الْكِنْدِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِمَكَّةَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ:

426 - حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُخَرِّمِيُّ قَالَ: " §اشْتَرَيْتُ لِهَارُونَ الرَّشِيدِ جَارِيَةً مَدِينِيَّةً، فَأُعْجِبَ بِهَا، فَأَمَرَ الْفَضْلَ بْنَ الرَّبِيعِ أَنْ يَبْعَثَ فِي حَمْلِ أَهْلِهَا وَمَوَالِيهَا لِيَنْصَرِفُوا بِجَوَائِزِهَا، وَأَرَادَ بِذَلِكَ تَشْرِيفَهَا، فَوَفَدَ إِلَى مَدِينَةِ السَّلَامِ ثَمَانُونَ رَجُلًا، وَوَفَدَ مَعَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَاسْتَوْطَنَ الْمَدِينَةَ، كَانَ يَهْوَى الْجَارِيَةَ، فَلَمَّا بَلَغَ الرَّشِيدَ خَبَرُهُمْ أَمَرَ الْفَضْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لِيَكْتَتِبَ اسْمَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ وَحَاجَتَهُ، فَفَعَلَ حَتَّى بَلَغَ إِلَى الْعِرَاقِيِّ فَقَالَ لَهُ: حَاجَتُكُ؟ فَقَالَ: إِنْ أَنْتَ كَتَبْتَهَا وَضَمِنْتَ لِي عَرْضَهَا مَعَ مَا تَعْرِضُ أَنْبَأْتُكَ بِهَا، فَقَالَ: أَفْعَلُ ذَلِكَ، فَقَالَ: حَاجَتِي أَنْ أَجْلِسَ مَعَ فُلَانَةَ حَتَّى تُغَنِّينِي ثَلَاثَةَ أَصْوَاتٍ، وَأَشْرَبُ ثَلَاثَةَ أَرْطَالٍ، وَأُخْبِرُهَا بِمَا تُجِنُّهُ ضُلُوعِي مِنْ حُبِّهَا. فَقَالَ الْفَضْلُ: أَنْتَ مَوْسُوسٌ مَدْخُولٌ عَلَيْكَ فِي عَقْلِكِ قَالَ: يَا هَذَا، قَدْ أُمِرْتَ أَنْ تَكْتُبَ مَا يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا، فَاكْتُبْ مَا أَقُولُ -[218]- وَاعْرِضْهُ، فَإِنْ أُجِبْتُ إِلَيْهِ، وَإِلَّا فَأَنْتَ فِي أَوْسَعِ الْعُذْرِ، فَدَخَلَ الْفَضْلُ مُغْضَبًا، فَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ الرَّشِيدِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ مَا كَتَبَ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فِيهِمْ وَاحِدٌ مَجْنُونٌ سَأَلَ مَا أُجِلُّ مَجْلِسَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ التَّفَوُّهِ بِهِ، فَقَالَ: قُلْ وَلَا تَجْزَعَنَّ. فَقَالَ كَذَا وَكَذَا قَالَ: اخْرُجْ إِلَيْهِ وَقُلْ لَهُ: إِذَا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَاحْضُرْ لِيُنْجَزَ لَكَ مَا سَأَلْتَ، وَكُنْ أَنْتَ تَتَوَلَّى الِاسْتِئْذَانَ لَهُ، وَدَعَا بِخَادِمٍ، وَقَالَ: امْضِ إِلَى فُلَانَةَ وَقُلْ لَهَا: قَدْ حَضَرَ رَجُلٌ قَالَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ أَجَبْنَاهُ إِلَى مَا سَأَلَ فَكُونِي عَلَى أُهْبَةٍ. ثُمَّ خَرَجَ الْفَضْلُ إِلَى الْفَتَى فَأَدَّى إِلَيْهِ كَمَا قَالَ الرَّشِيدُ، فَانْصَرَفَ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَضَرَ وَعَرَفَ الرَّشِيدُ خَبَرَهُ، فَقَالَ: يُلْقَى لَهُ بِحَيْثُ أَرَى كُرْسِيًّا مِنْ فِضَّةٍ وَلِلْجَارِيَةِ كُرْسِيًّا مِنْ ذَهَبٍ، وَلْتَخْرُجْ إِلَيْهِ وَتُحْضِرْ ثَلَاثَةَ أَرْطَالٍ. فَجَلَسَ الْمُغَنِّي عَلَى كُرْسِيٍّ، وَجَلَسَتِ الْجَارِيَةُ بِإِزَائِهِ، فَحَدَّثَهَا وَالرَّشِيدُ يَرَاهُمَا فَقَالَ الْخَادِمُ: لَمْ تَدْخُلْ لِتَشْتَبِقَ وَتُضِيفَ. فَأَخَذَ رِطْلًا وَخَرَّ سَاجِدًا، وَقَالَ: إِذَا شِئْتَ أَنْ تُغَنِّي فَغَنِّي:
[البحر الطويل]

خَلِيلِيَّ عُوجَا بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا ... وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هِنْدٌ بِأَرْضِكُمَا قَصْدَا
وَقُولَا لَهَا: لَيْسَ الضَّلَالُ أَجَازَنَا ... وَلَكِنَّمَا جُزْنَا لِنَلْقَاكُمَا عَمْدَا
غَدًا يَكْثُرُ الْبَاكُونَ مِنَّا وَمِنْكُمُ ... وَتْزَدادُ دَارِي مِنْ دِيَارَكُمُ بُعْدَا
فَغَنَّتْ، ثُمَّ شَرِبَ الرِّطْلَ وَحَادَثَهَا سَاعَةً، فَاسْتَحَثَّهُ الْخَادِمُ فَأَخَذَ الرِّطْلَ بِيَدِهِ وَقَالَ: غَنِّي، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكِ:
[البحر الطويل]
-[219]-

تَكَلَّمَ مِنَّا فِي الْوُجُوهِ عُيُونُنَا ... فَنَحْنُ سُكُوتٌ وَالْهَوَى يَتَكَلَّمُ
وَنْغَضُبُ أَحْيَانًا وَنَرْضَى بِطَرْفِنَا ... وَذَلِكَ بِمَا بَيْنَنَا لَيْسَ يُعْلَمُ
فَغَنَّتْهُ، وَشَرِبَ الرِّطْلَ الْبَاقِيَ، وَحَادَثَتْهُ سَاعَةً، فَاسْتَعْجَلَهُ الْخَادِمُ فَخَرَّ سَاجِدًا يَبْكِي، وَأَخَذَ الرِّطْلَ بِيَدِهِ وَاسْتَوْدَعَهَا اللَّهَ، وَقَامَ عَلَى رِجْلِهِ وَدُمُوعُهُ تَسْتَبِقُ اسْتِبَاقَ الْمَطَرِ وَقَالَ: إِذَا شِئْتِ أَنْ تُغَنِّي فَغَنِّي:
[البحر السريع]

أَحْسَنَ مَا كُنَّا تَفَرَّقْنَا ... وَخَانَنَا الدَّهْرُ وَمَا خُنَّا
فَلَيْتَ ذَا الدَّهْرَ لَنَا مَرَّةً ... عَادَ لَنَا يَوْمًا كَمَا كُنَّا
فَغَنَّتْهُ الصَّوْتَ، فَقَلَبَ الْفَتَى طَرْفَهُ فَبَصُرَ فِي الصَّحْنِ فَأَمَّهَا، وَأَتْبَعَهُ الْخَدَمُ لِيُهْدُوهُ الطَّرِيقَ، فَفَاتَهُمْ وَصَعِدَ الدَّرَجَةَ فَأَلْقَى نَفْسَهُ إِلَى الْأَرْضِ عَلَى رَأْسِهِ فَخَرَّ مَيِّتًا، فَقَالَ الرَّشِيدُ: عَجَّلَ الْفَتَى، وَلَوْ لَمْ يُعَجِّلْ لَوَهَبْتُهَا لَهُ "

اسم الکتاب : اعتلال القلوب المؤلف : الخرائطي    الجزء : 1  صفحة : 217
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست