اسم الکتاب : نيل المرام من تفسير آيات الأحكام المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 73
لفظ الحرث يفيد أن الإباحة لم تقع إلا في الفرج الذي هو القبل خاصة إذ هو مزرع الذرية كما أن الحرث من زرع النبات، فقد شبه ما يلقى في أرحامهن من النطف التي منها النسل بما يلقى في الأرض من البذور التي منها النبت بجامع أن كل واحد منهما مادة لما يحصل منه. وهذه الجملة بيان للجملة الأولى أعني قوله فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ وقوله أَنَّى شِئْتُمْ أي من أي جهة شئتم: من خلف وقدام وباركة ومستلقية ومضطجعة إذا كان في موضع الحرث وأنشد: -
إنما الأرحام أرضو ... ن لنا محترثات
فعلينا الزرع فيها ... وعلى الله النبات
وإنما عبر سبحانه: أَنَّى لكونها أعم في اللغة من أين وكيف ومتى. وأما سيبويه ففسرها هنا بكيف، وقد ذهب السلف والخلف من الصحابة والتابعين والأئمة إلى ما ذكرنا من تفسير الآية إلى أن إتيان الزوجة في دبرها حرام.
وروي عن سعيد بن المسيب ونافع وابن عمر ومحمد بن كعب القرظي وعبد الملك بن الماجشون أنه يجوز ذلك، حكاه القرطبي في «تفسيره» [1] ، قال: وحكي ذلك عن مالك في كتاب له يسمى «كتاب السر» وحذاق أصحاب مالك ومشايخهم ينكرون ذلك الكتاب ومالك أجلّ من أن يكون له كتاب سرّ! ووقع هذا القول في «العتبية» .
وذكر ابن العربي أن ابن شعبان أسند جواز ذلك إلى زمرة كبيرة [2] من الصحابة والتابعين وإلى مالك من روايات كثيرة في كتاب «جماع النسوان وأحكام القرآن» [3] وقال الطحاوي: روى أصبغ بن الفرج عن عبد الرحمن بن القاسم قال: ما أدركت أحدا أقتدي به في ديني يشك في أنه حلال يعني وطء المرأة في دبرها ثم قرأ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ثم قال: فأي شيء أبين من هذا؟
وقد روى الحاكم والدارقطني والخطيب البغدادي عن مالك من طرق ما يقتضي إباحة ذلك. وفي أسانيدها ضعف.
وقد روى الطحاوي عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنه سمع الشافعي يقول: [1] تفسير القرطبي [3/ 93] . [2] جاء في المطبوع [كثيرة] والتصحيح من فتح القدير [1/ 227] . [3] القرطبي [3/ 93] .
اسم الکتاب : نيل المرام من تفسير آيات الأحكام المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 73