اسم الکتاب : نيل المرام من تفسير آيات الأحكام المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 218
قال أهل العلم: وهذا يدل على أن الرضى بالكفر كفر، وكذا من رضي بمنكر، أو خالط أهله، كان في الإثم بمنزلتهم إذا رضي به، وإن لم يباشره ولو جلس خوفا وتقية، مع كمال سخطه لذلك، كان الأمر أهون من الأول [1] .
[الآية السادسة والثلاثون] الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) .
وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) هذا في يوم القيامة، إذا كان المراد بالسبيل النصر والغلب، أو في الدنيا إن كان المراد به الحجة.
قال ابن عطية: قال جميع أهل التأويل: إن المراد بذلك يوم القيامة.
قال ابن العربي: وهذا ضعيف لعدم فائدة الخبر فيه، وسببه توهم من توهم أن آخر الكلام يرجع إلى أوله، يعني قوله: فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وذلك يسقط فائدته، أو يكون تكرار هذا معنى كلامه.
وقيل: المعنى أن الله لا يجعل للكافرين سبيلا على المؤمنين، يمحو به دولتهم بالكلية، ويذهب آثرهم، ويستبيح بيضتهم، كما يفيده الحديث الثابت في الصحيح [2] .
وقيل: إنه سبحانه لا يجعل للكافرين سبيلا على المؤمنين، ما داموا عاملين بالحق، غير راضين بالباطل، ولا تاركين للنهي عن المنكر، كما قال تعالى: [1] انظر: القرطبي (5/ 418) ، وابن كثير (1/ 580) . [2] الحديث الصحيح الذي قصده المصنف هو ما رواه مسلم (18/ 13، 14) عن ثوبان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما روي لي منها، وأعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي: أن لا يهلكها بسنة بعامّة، وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم ... » الحديث.
اسم الکتاب : نيل المرام من تفسير آيات الأحكام المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 218