اسم الکتاب : موقف الشوكاني في تفسيره من المناسبات المؤلف : الشرقاوى، أحمد بن محمد الجزء : 1 صفحة : 32
فعلى فرض صحة الحديث فإن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما لم يعترض على ترتيبهما في المصحف، وإنما يتساءل عن الحكمة في الإقران بينهما وجعلهما كسورة واحدة واعتبارهما في السبع الطوال، علما بأن الأنفال من المثاني وبراءة من المئين.
ولقد رد عثمان - رضي الله عنه - ببيان أن ترتيب المصحف وفق الترتيب التوقيفي الذي تعلمه الصحابة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا مجال للاجتهاد في ذلك، وإنما قرن بينهما عثمان واعتبرهما كسورة واحدة لما بينهما من التشابه في الموضوع والهدف مع أن الأنفال من أول ما نزل في المدينة، والتوبة من آخر ما نزل، لكن العبرة ليست بترتيب النزول؛ من ثم لم يقرن بينهما بالبسملة واعتبرهما كوحدة واحدة أو كسورة واحدة بها ينتهي قسم الطوال. ويؤيد هذا ما رواه النحاس في الناسخ والمنسوخ عن عثمان - رضي الله عنه -قال: " كانت الأنفال وبراءة يدعيان في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القرينتين، فلذلك جعلتهما في السبع الطوال " [1] يعني عدهما كسورة واحدة تنتهي بها السبع الطوال.
فليس في الحديث ما يشير إلى أن عثمان - رضي الله عنه - هو الذي رتبهما في المصحف أو أنه أدمج بينهما فجعلهما سورة واحدة، ولو كانت الأنفال والتوبة سورة واحدة لكان لهما اسم واحد ولكان عدد السور القرآنية 113 سورة، لكن الأمة مجمعة على أن عدد السور 114، وأن لكل منهما اسما مستقلا0
وإنما لم تستهل سورة براءة بالبسملة لما ورد في أولها من البراء والوعيد للمشركين؛ فلم تبدأ بالبسملة المتضمنة للرحمة لأن المقام لا يناسبه الحديث عن الرحمة.
قال الطيبي: " دل هذا الكلام على أنهما نزلتا منزلة سورة واحدة وكمل السبع الطول بها ثم قيل السبع الطول هي البقرة وبراءة وما بينهما " (2) [1] - الناسخ والنسوخ لأبي حعفر النحاس حديث 552-2/397
(2) - تحفة الأحوذي 8/ 381..
اسم الکتاب : موقف الشوكاني في تفسيره من المناسبات المؤلف : الشرقاوى، أحمد بن محمد الجزء : 1 صفحة : 32