وهذا لا ينافي أن القراءة الأخرى مسموعة ومنزلة كتلك. خصوصا أنها متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم. أما قولها: ولكن الهجاء حرف فكلمة حرف مأخوذة من الحرف بمعنى القراءة واللغة والمعنى أن هذه القراءة المتواترة التي رسم بها المصحف لغة ووجه من وجوه الأداء في القرآن الكريم. ولا يصح أن تكون كلمة حرف في حديث عائشة مأخوذة من التحريف الذي هو الخطأ وإلا كان حديثا معارضا للمتواتر ومعارض القاطع ساقط.
الشبهة التاسعة:
يقولون: روي عن خارجة بن زيد بن ثابت أنه قال: قالوا لزيد يا أبا سعيد أوهمت إنما هي ثمانية أزواج من الضأن اثنين[1] اثنين ومن المعز اثنين اثنين ومن الإبل اثنين اثنين ومن البقر اثنين اثنين. فقال: لا. إن الله تعالى يقول: {فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} فهما زوجان كل واحد منهما زوج. الذكر زوج والأنثى زوج اهـ. قال أعداء الإسلام: فهذه الرواية تدل على تصرف نساخ المصحف واختيارهم ما شاءوا في كتابة القرآن ورسمه.
والجواب أن كلام زيد هذا لا يدل على ما زعموا. إنما يدل على أنه بيان لوجه ما كتبه وقرأه سماعا وأخذا عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تصرفا وتشهيا من تلقاء نفسه.
وكيف يتصور هذا من الصحابة في القرآن وهم مضرب الأمثال في كمال ضبطهم وتثبتهم في الكتاب والسنة. لا سيما زيد بن ثابت وقد عرفت فيما سبق من هو زيد في حفظه [1] يريدون آية سورة الأنعام ونصها: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ} الخ.