المصحف لأبي بكر وكتب المصاحف لعثمان والحديث الآنف وفيه يقول الرسول لمعاوية: "ألق الدواة وحرف القلم" الخ. فإنه حجة على أنه صلى الله عليه وسلم كان واضع دستور الرسم لهم.
ثالثا: أن قول القاضي أبي بكر: ولذلك اختلفت خطوط المصاحف الخ لا يسلم له بعد قيام الإجماع وانعقاده ومعرفة الناس بالرسم التوقيفي وهو رسم عثمان على ما قرروه هناك.
ونزيدك هنا ما ذكره العلامة ابن المبارك نقلا عن العارف بالله شيخه عبد العزيز الدباغ إذ يقول في كتابه الإبريز ما نصه: رسم القرآن سر من أسرار الله المشاهدة وكمال الرفعة قال ابن المبارك فقلت له: هل رسم الواو بدل الألف في نحو "الصلاة، والزكاة، والحياة، ومشكاة". وزيادة الواو في "سأوريكم، وأولئك، وأولاء، وأولات". وكالياء في نحو "هديهم، وملائه، وبأبيكم، وبأييد". هذا كله صادر من النبي صلى الله عليه وسلم أو من الصحابة؟ فقال: هو صادر من النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي أمر الكتاب من الصحابة أن يكتبوه على هذه الهيئة فما نقصوا ولا زادوا على ما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له: إن جماعة من العلماء ترخصوا في أمر الرسم وقالوا: إنما هو اصطلاح من الصحابة مشوا فيه على ما كانت قريش تكتب عليه في الجاهلية. وإنما صدر ذلك من الصحابة لأن قريشا تعلموا الكتابة من أهل الحيرة وأهل الحيرة ينطقون بالواو في الربا فكتبوا على وفق منطقهم. وأما قريش فإنهم ينطقون فيه بالألف وكتابتهم له بالواو على منطق غيرهم وتقليد لهم حتى قال القاضي أبو بكر الباقلاني: كل من ادعى أنه يجب على الناس رسم مخصوص وجب عليه أن يقيم الحجة على دعواه فإنه ليس في الكتاب ولا في السنة ولا في الإجماع ما يدل على ذلك؟. فقال:-
ما للصحابة ولا لغيرهم في رسم القرآن ولا شعرة واحدة وإنما هو توقيف من النبي وهو الذي أمرهم أن يكتبوه على الهيئة المعروفة بزيادة الألف ونقصانها لأسرار