{فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} ولا أريد أن أطيل عليك في هذا فمعجزات القرآن العلمية لها ميدان آخر. إنما هي نظرة خاطفة نوضح بها المراد بعلوم القرآن ونوجه بها كلام السيوطي في الإتقان ونعتذر فيها عن ابن العربي في التأويل.
والله وحده هو المحيط بأسرار كتابه. ولا يزال الكون وما يحدث في الكون من علوم وفنون وشؤون لا يزال كل أولئك يشرح القرآن ويفسره ويميط اللثام عن نواح كثيرة من أسراره وإعجازه مصداقا لقوله جل ذكره: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} . {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} .
4- معنى علوم القرآن كفن مدون وموضوعه وفائدته
أما بعد فقد تبين لك فيما سبق أن لفظ علوم القرآن يراد بمعناه الإضافي ما يشمل العلوم الدينية والعربية ونفيدك هنا أن هذا اللفظ نقل من ذلك المعنى الإضافي ثم جعل علما على الفن المدون وأصبح مدلوله بعد النقل وهو علم غير مدلوله قبل النقل وهو مركب إضافي ضرورة أن هذا الفن ليس هو مجموعة العلوم الدينية والعربية بل هو غيرها وإن كان مستمدا منها ومأخوذا عنها ويمكن أن نعرفه بأنه مباحث تتعلق بالقرآن الكريم من ناحية نزوله وترتيبه وجمعه وكتابته وقراءته وتفسيره وإعجازه وناسخه ومنسوخه ودفع الشبه عنه ونحو ذلك.
وموضوعه القرآن الكريم من أية ناحية من النواحي المذكورة في التعريف. بخلاف علوم القرآن بالمعنى الإضافي فإن موضوعه هو مجموع موضوعات تلك العلوم المنضوية تحت لوائه. وموضوع كل واحد منها هو القرآن الكريم من ناحية واحدة من تلك النواحي. فعلم القراءات مثلا موضوعه القرآن الكريم من ناحية لفظه وأدائه وعلم التفسير موضوعه القرآن الكريم من ناحية شرحه ومعناه وهلم جرا.
وفائدة هذا العلم: ترجع إلى الثقافة العالية العامة في القرآن الكريم وإلى التسلح بالمعارف القيمة فيه استعدادا لحسن الدفاع عن حمى الكتاب العزيز ثم إلى سهولة