أنها تثبت أن عليا أو بعض الصحابة كان قد كتب القرآن في مصحف. لكنها لا تعطي هذا المصحف تلك الصفة الإجماعية ولا تخلع عليه تلك المزايا التي للصحف أو المصحف المجموع في عهد أبي بكر. بل هي مصاحف فردية ليست لها تلك الثقة ولا هذه المزايا. وإذا كانت قد سبقت في الوجود وتقدم بها الزمان فإن جمع أبي بكر هو الأول من نوعه على كل حال. وقد اعترف علي بن أبي طالب نفسه بهذه الحقيقة في الحديث الذي أخرجه ابن أبي داود في المصاحف بسند حسن آنفا إذ قال: أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع كتاب الله.
فهذا اعتراف صريح من أبي الحسن بالأولية لجمع أبي بكر على النحو الآنف رضوان الله عليهم أجمعين.
جمع القرآن على عهد عثمان رضي الله عنه
اتسعت الفتوحات في زمن عثمان واستبحر العمران وتفرق المسلمون في الأمصار والأقطار ونبتت ناشئة جديدة كانت بحاجة إلى دراسة القرآن. وطال عهد الناس بالرسول والوحي والتنزيل. وكان أهل كل إقليم من أقاليم الإسلام يأخذون بقراءة من اشتهر بينهم من الصحابة فأهل الشام يقرؤون بقراءة أبي بن كعب وأهل الكوفة يقرؤون بقراءة عبد الله بن مسعود وغيرهم يقرأ بقراءة أبي موسى الأشعري. فكان بينهم اختلاف في حروف الأداء ووجوه القراءة بطريقة فتحت باب الشقاق والنزاع في قراءة القرآن أشبه بما كان بين الصحابة قبل أن يعلموا أن القرآن نزل على سبعة أحرف بل كان هذا الشقاق أشد لبعد عهد هؤلاء بالنبوة وعدم وجود الرسول بينهم يطمئنون إلى حكمه ويصدرون جميعا عن رأيه. واستفحل الداء حتى كفر بعضهم بعضا وكادت تكون فتنة في الأرض وفساد كبير. ولم يقف هذا الطغيان عند حد,