غير ذلك. وارجع إلى النوع السابع والثلاثين من إتقان السيوطي إن أردت المزيد.
وحسبك في هذا المقام ما نقله الواسطي في كتابه الذي وضعه في القراءات العشر إذ يقول: إن في القرآن من أربعين لغة عربية وهي قريش وهذيل وكنانة وخثعم والخزرج وأشعر ونمير وقيس عيلان وجرهم واليمن وأزد شنوءة وكندة وتميم وحمير ومدين ولخم وسعد العشيرة وحضرموت وسدوس والعمالقة وأنمار وغسان ومذحج وخزاعة وغطفان وسبأ وعمان وبنو حنيفة وثعلب وطي وعامر بن صعصعة وأوس ومزينة وثقيف وجذام وبلي وعذرة وهوازن والنمر واليمامة اهـ.
ولا يغيبن عن بالك أن هذه اللغات كلها تمثلت في لغة قريش باعتبار أن لغة قريش كانت المتزعمة لها والمهيمنة عليها والآخذة منها ما تشاء مما يحلو لها ويرق في ذوقها ثم يأخذه الجميع عنها حتى صح أن يعتبر لسان قريش هو اللسان العربي العام وبه نزل القرآن على ما سبق بيانه فلا تغفل. والله يتولى هدانا أجمعين.
ثانيهما أن توجيه هذا المذهب بما قاله أبو عبيد يقتضي أن يكون القرآن أبعاضا منه ما هو بلغة قريش ومنه ما هو بلغة هذيل وهكذا. ولا شك أن ذلك غير محقق لحكمة التيسير الملحوظة للشارع الحكيم في نزول القرآن على سبعة أحرف فإن هذا المذهب يستلزم أن كل شخص لا يمكنه أن يقرأ إلا البعض الذي نزل بلغته دون البعض الذي نزل بلغة غيره. وهذا باطل من ناحية ومخالف للاختلاف الذي صورته لنا الروايات السابقة بين الصحابة في القراءة من ناحية أخرى فإن المقروء فيها كان واحدا لا محالة كسورة الفرقان بين عمر وهشام. وسورة من آل حم بين ابن مسعود وصاحبه وقد صوب الرسول صلى الله عليه وسلم قراءة كل من المختلفين وكلاهما قرشي.