8- بقاء الأحرف السبعة في المصاحف
ننتقل بك إلى نقطة أخرى: هل الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن الكريم لها وجود في المصاحف العثمانية.
ذهب جماعة من الفقهاء والقراء والمتكلمين إلى أن جميع هذه الأحرف موجودة بالمصاحف العثمانية.
واحتجوا بأنه لا يجوز للأمة أن تهمل نقل شيء منها وأن الصحابة أجمعوا على نقل المصاحف العثمانية من الصحف التي كتبها أبو بكر وأجمعوا على ترك ما سوى ذلك. ومعنى هذا أن الصحف التي كانت عند أبي بكر جمعت الأحرف السبعة ونقلت منها المصاحف العثمانية بالأحرف السبعة كذلك.
وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف وأئمة المسلمين إلى أن المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة فقط جامعة للعرضة الأخيرة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل متضمنة لها.
وذهب ابن جرير الطبري ومن لفَّ لفَّه إلى أن المصاحف العثمانية لم تشتمل إلا على حرف واحد من الحروف السبعة وتأثروا في هذا الرأي بمذهبهم في معنى الحروف السبعة وما التزموه فيه من أن هذه السبعة كانت في صدر الإسلام أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وخلافة أبي بكر وعمر وصدر من خلافة عثمان.
ثم رأت الأمة بقيادة عثمان أن تقتصر على حرف واحد من السبعة جمعا لكلمة المسلمين فأخذت به وأهملت كل ما عداه من الأحرف الستة ونسخ عثمان المصاحف بهذا الحرف الذي استبقته الأمة وحده. وسيأتي بيان هذا المذهب وما ورد عليه من توهين.