اسم الکتاب : من بلاغة القرآن فى التعبير بالغدو والأصال المؤلف : دسوقي، محمد الجزء : 1 صفحة : 25
وفي البحر المحيط: "قوبل بالعشيّ الإمساء وبالإظهار الإصباح، لأن كلا منهما يُعقب بما قابله، فالعشيّ يعقبه الإمساء، والإصباح يعقبه الإظهار" [1] ، وفي معنى ما ذُكريقول الآلوسي "قدم الإمساء على الإصباح لتقدم الليل والظلمة، وقدم العشيّ على الإظهار لأنه بالنسبة إلى الإظهار كالإمساء بالنسبة إلى الإصباح" [2] ويعنيان بذلك أنهم في "الاستعمال العربي يعتبرون فيه الليالي مبدأ عدد الأيام [3] ، فهو أسبق في حساب أيام الشهر، وفي التنزيل قال تعالى: (سيروا فيها ليالي وأياماً آمنين.. سبأ/18) " [4] ، وقال أبو السعود بأن تقديم (عشياً) على (حين تظهرون) لمراعاة الفواصل وتغيير الأسلوب [5] ، وليس ما ذكروه بالوجه بل هو - فيما أرى- على ما ذكرت، مراعاة لمكان النزول. وإن كنت لا أرى فيما ذكره الفخر الرازي – وفاء بحق السياق - بأساً، وفي محصلته يقول الطاهر في عبارة بليغة موجزة: "قدم فعل الإمساء على فعل الإصباح.. لأن الكلام لما وقع عقب ذكر الحشر من قوله: (الله يبدأ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون.. الروم/11) ، وذكر قيام الساعة، ناسب أن يكون الإمساء وهو آخر اليوم خاطراً في الذهن فقُدم لهم ذكره" [6] .
وهكذا يجيىء النظم غاية في التناسق بين مفرداته والتآخي بين جملة، كما يجيئ التقديم والتأخير للأوقات محققاً الغرض الذي يهدف إليه سياق النص القرآني، وتلك - وأيم الله- آية من آيات الإعجاز في كتاب الله. [1] ينظر البحر المحيط الآية17، 18من سورة الروم. [2] الآلوسي 21/45 مجلد 12، وينظر حاشية الشهاب على البيضاوي 7/379. [3] كما كانوا يؤرخون بالليالي ويبتدئون الشهر بالليلة الأولى التي بعد طلوع الهلال، وهو ما أقرهم الإسلام عليه واستمر عليه الحال. [4] التحرير 21/66 مجلد 10، 26/327 مجلد 12. [5] تفسير أبي السعود 7/55 مجلد4. [6] التحرير 21/66 مجلد 10.
اسم الکتاب : من بلاغة القرآن فى التعبير بالغدو والأصال المؤلف : دسوقي، محمد الجزء : 1 صفحة : 25