اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 90
عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال: " أي عم، قل: لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الل هـ"، فقال أبو جهل وعبد الله: يا أبا طالب: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال: هو على ملة عبد المطلب، فقال النبي, صلى الله عليه وسلم: "لأستغفرن لك ما لم أنه عنه"، فنزلت: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [1].
وأخرج الترمذي عن عليٍّ قال: "سمعت رجلًا يستغفر لأبويه وهما مشركان فقلت: تستغفر لأبويك وهما مشركان؟ فقال: استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك، فذكرتُ ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنزلت".
وأخرج الحاكم وغيره عن ابن مسعود قال: "خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- يومًا إلى المقابر، فجلس إلى قبر منها، فناجاه طويلًا ثم بكى، فقال: "إن القبر الذي جلستُ عنده قبر أمي، وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي، فأنزل عليَّ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} . فجمع بين هذه الروايات بتعدد النزول.
ومن أمثلته كذلك ما رُوِيَ عن أبي هريرة: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقف على حمزة حين استُشِهد وقد مُثِّلَ به، فقال: "لأُمَثِّلَنَّ بسبعين منهم مكانك"، فنزل جبريل والنبي -صلى الله عليه وسلم- واقف بخواتيم سورة النحل: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [2] ... إلى آخر السورة"[3], فهذا يدل على نزولها يوم أُحد.
وجاء في رواية أخرى أنها نزلت يوم فتح مكة[4]، والسورة مكية، فجمع بين ذلك، بأنها نزلت بمكة قبل الهجرة مع السورة، ثم بأحد، ثم يوم الفتح، ولا مانع مع ذلك لما فيه من التذكير بنعمة الله على عباده واستحضار شريعته، قال الزركشي في البرهان: "وقد ينزل الشيء مرتين تعظيمًا لشأنه، وتذكيرًا [1] التوبة: 113. [2] النحل: 126. [3] أخرجه البيهقي والبزار عن أبي هريرة. [4] أخرجها الترمذي والحاكم عن أُبَيِّ بن كعب.
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 90