اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 346
وأخرج أبو عبيد من طريق مجاهد عن ابن عباس قال: كنت لا أدري ما: {فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} حتى أتاني أعرابيان يتخاصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، يقول: أنا ابتدأتها"[1].
ولذا قال ابن قتيبة: "إن العرب لا تستوي في المعرفة بجميع ما في القرآن من الغريب والمتشابه، بل إن بعضها يفضل في ذلك عن بعض"[2].
وكان الصحابة يعتمدون في تفسيرهم للقرآن بهذا العصر على:
أولاً: القرآن الكريم: فما جاء مُجملًا في موضع جاء مبينًا في موضع آخر, تأتي الآية مطلقة أو عامة، ثم ينزل ما يقيدها أو يخصصها، وهذا هو الذي يسمى بتفسير القرآن بالقرآن ولهذا أمثلة كثيرة، فقصص القرآن جاء موجزًا في بعض المواضع ومسهبًا في مواضع أخرى، وقوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [3], فسره آية: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [4]، وقوله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [5], فسره آية: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [6].
ثانياً: النبي, صلى الله عليه وسلم: فهو المبيِّن للقرآن, وكان الصحابة يرجعون إليه إذا أشكل عليهم فهم آية من الآيات، عن ابن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [7], شق ذلك على الناس فقالوا: يا رسول الله، وأينا لا يظلم نفسه؟ قال: "إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} إنما هو الشرك" [8].
كما كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يبيِّن لهم ما يشاء عند الحاجة، عن عقبة بن عامر قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو على المنبر: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} "ألا وإن القوة الرمي" [9].
1 "الإتقان" جـ2 ص113.
2 "التفسير والمفسرون" جـ1 ص36. [3] المائدة: 1. [4] المائدة: 3. [5] الأنعام: 103. [6] القيامة: 23. [7] الأنعام: 82. [8] رواه أحمد والشيخان وغيرهم – [والآية من سورة لقمان: 13] . [9] أخرجه مسلم وغيره – [والآية من سورة الأنفال: 60] .
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 346