اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 344
نشأة التفسير وتطوره
مدخل
...
25- نشأة التفسير وتطوره: 1
جرت سُنة الله أن يرسل كل رسول بلسان قومه. ليتم تخاطبه معهم: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [2], وأن يكون الكتاب الذي أنزل عليه بلسانه ولسانهم، وإذا كان لسان محمد -صلى الله عليه وسلم- عربيًّا فإن الكتاب الذي أنزل عليه يكون بلسان عربي، وبذلك نطق محكم التنزيل: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [3]. {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [4].
فألفاظ القرآن عربية، ووجوه المعاني في القرآن توافق وجوه المعاني عند العرب، وإذا كانت هناك ألفاظ قليلة تختلف فيها أنظار العلماء، أهي من لغات أخرى وعربت، أم هي عربية بحتة ولكنها مما تواردت عليها اللغات؟ فإن هذا لا يخرج القرآن عن أن يكون عربيًّا.
والذي عليه المحققون أنها كلمات اتفقت فيها ألفاظ العرب مع ألفاظ غيرهم من بعض أجناس الأمم. وهذا هو ما رجحه جهبذ المفسرين ابن جرير الطبري[5]. فقد أورد ما رُوِي في ذلك كقوله تعالى: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} [6], قيل: الكِفلان: ضعفان من الأجر بلسان الحبشة. وقوله: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} [7], قيل: بلسان الحبشة إذا قام الرجل من الليل قالوا: نشأ. وقوله: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} [8], قيل: سبحي بلسان الحبشة, وقوله: {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} [9], قيل: الأسد بالحبشية. وقوله:
1 راجع هذا البحث بالتفصيل في كتاب "التفسير والمفسرون" للأستاذ محمد حسين الذهبي. [2] إبراهيم: 4. [3] يوسف: 2. [4] الشعراء: 192-195.
5 "تفسير الطبري" جـ1 ص12. [6] الحديد: 28. [7] المزمل: 6. [8] سبأ: 10. [9] المدثر: 51.
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 344