اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 313
واعلم أنه قد يظهر منه بدقيق الفكر استنباط البراهين العقلية على طرق المتكلمين.... ومن ذلك الاستدلال على أن صانع العالَم واحد، بدلالة التمانع المشار إليه في قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [1]؛ لأنه لو كان للعالَم صانعان لكان لا يجري تدبيرهما على نظام، ولا يتسق على إحكام، ولكان العجز يلحقهما أو أحدهما، وذلك لو أراد أحدهما إحياء جسم، وأراد الآخر إماتته، فإما أن تنفذ إرادتهما فتتناقض لاستحالة تجزؤ الفعل إن فرض الاتفاق، أو لامتناع اجتماع الضدين إن فرض الاختلاف، وإما لا تنفذ إرادتهما فيؤدي إلى عجزهما، أو لا تنفذ إرادة أحدهما فيؤدي إلى عجزه، والإله لا يكون عاجزًا". [1] الأنبياء: 22. أنواع من مناظرات القرآن وأدلته:
أ- ما يذكره تعالى من الآيات الكونية المقرونة بالنظر والتدبر للاستدلال على أصول العقائد كتوحيده سبحانه في ألوهيته، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وهذا النوع كثير في القرآن.
فمنه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [1].
وقوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ، لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ} إلى قوله: {لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [2].
ب- ما يرد به على الخصوم ويلزم أهل العناد، ولهذا صور مختلفة:
1- منها تقرير المخاطب بطريق الاستفهام عن الأمور التي يسلم بها الخصم [1] البقرة: 21، 22. [2] البقرة: 163، 164.
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 313