اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 310
وأباح مناظرة أهل الكتاب بتلك الطريقة في قوله: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [1].
ومثل هذا من قبيل المناظرة التي تهدف إلى إظهار الحق، وإقامة البرهان على صحته، وهي الطريقة التي يشتمل عليها جدل القرآن في هداية الكافرين وإلزام المعاندين، بخلاف مجادلة أهل الأهواء فإنها منازعة باطلة، قال تعالى: {وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ} [2]. [1] العنكبوت: 46. [2] الكهف: 56.
طريقة القرآن في المناظرة:
والقرآن الكريم تناول كثيرًا من الأدلة والبراهين التي حاج بها خصومه في صورة واضحة جلية يفهمها العامة والخاصة، وأبطل كل شبهة فاسدة ونقضها بالمعارضة والمنع في أسلوب واضح النتائج، سليم التركيب، لا يحتاج إلى إعمال عقل أو كثير بحث.
ولم يسلك القرآن في الجدل طريقة المتكلمين الاصطلاحية في المقدمات والنتائج التي يعتمدون عليها، من الاستدلال بالكلي على الجزئي في قياس الشمول، أو الاستدلال بأحد الجزأين على الآخر في قياس التمثيل، أو الاستدلال بالجزئي على الكلي في قياس الاستقراء.
أ- لأن القرآن جاء بلسان العرب، وخاطبهم بما يعرفون.
ب- ولأن الاعتماد في الاستدلال على ما فطرت عليه النفس من الإيمان بما تشاهد وتحس دون عمل فكري عميق أقوى أثرًا وأبلغ حجة.
جـ- ولأن ترك الجلي من الكلام والالتجاء إلى الدقيق الخفي نوع من الغموض والإلغاز لا يفهمه إلا الخاصة، وهو على طريقة المناطقة ليس سليمًا من كل وجه، فأدلة التوحيد والمعاد المذكورة في القرآن من نوع الدلالة المعينة
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 310