اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 272
الإعجاز اللغوي:
لقد مارس أهل العربية فنونها منذ نشأت لغتهم حتى شبت وترعرعت، وأصبحت في عنفوان شبابها عملاقًا معطاء، واستظهروا شعرها ونثرها، وحكمها وأمثالها، وطاوعهم البيان في أساليب ساحرة، حقيقة ومجازًا، إيجازًا وإطنابًا، حديثًا ومقالًا، وكلما ارتفعت اللغة وتسامت، وقفت على أعتاب لغة القرآن في إعجازه اللغوي كَسِيرة صاغرة، تنحني أمام أسلوبه إجلالًا وخشية، وما عهد تاريخ العربية حقبة من أحقاب التاريخ. ازدهرت فيها اللغة إلا وتطامن أعلامها وأساتذتها أمام البيان القرآني اعترافًا بسموه، وإدراكًا لأسراره، ولا عجب "فتلك سُنة الله في آياته التي يصنعها بيديه، لا يزيدك العلم بها والوقوف على أسرارها إلا إذعانًا لعظمتها، وثقة بالعجز عنها، ولا كذلك صناعات الخلق، فإن فضل العلم بها يمكنك منها ويفتح لك الطريق
وبسورة واحدة: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} [1].
وبحديث مثله: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ} [2].
ونحن لا نرى الإعجاز في قدر معين؛ لأننا نجده في أصوات حروفه ووقع كلماته، كما نجده في الآية والسورة، فالقرآن كلام الله وكفى.
وأيًّا كان وجه الإعجاز، أو القدر المعجز. فإن الباحث المنصف الذي يطلب الحق إذا نظر في القرآن من أي النواحي أحب: من ناحية أسلوبه، أو من ناحية علومه، أو من ناحية الأثر الذي أحدثه في العالم وغير به وجه التاريخ، أو من تلك النواحي مجتمعة, وجد الإعجاز واضحًا جليًّا, ويجدر بنا أن نأتي بكلمة في هذه النواحي الثلاثة من الإعجاز القرآني: ناحية الإعجاز اللغوي، وناحية الإعجاز العلمي، وناحية الإعجاز التشريعي. [1] يونس: 38. [2] الطور: 34.
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 272