اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 269
قدرتهم، ولو سُلبوا القدرة لم يبق فائدة لاجتماعهم، لمنزلته منزلة اجتماع الموتى، وليس عجز الموتى بكبير يُحتفل بذكره.
ب- وذهب قوم إلى أن القرآن مُعجز ببلاغته التي وصلت إلى مرتبة لم يُعهد لها مثيل - وهذه النظرة نظرة أهل العربية الذين يولعون بصور المعاني الحية في النسج المحكم، والبيان الرائع.
جـ- وبعضهم يقول: إن وجه إعجازه في تضمنه البديع الغريب المخالف لما عُهِد في كلام العرب من الفواصل والمقاطع.
د- ويقول آخرون: بل إعجازه في الإخبار عن المغيبات المستقبلة التي لا يُطَّلع عليها إلا الوحي. أو الإخبار عن الأمور التي تقدمت منذ بدء الخلق بما لا يمكن صدوره من أمي لم يتصل بأهل الكتاب.
كقوله تعالى في أهل بدر: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [1].
وقوله: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ} [2].
وقوله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} [3].
وقوله: {الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [4].
وقوله: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا} [5]. وسائر قصص الأولين.
وهذا قول مردود؛ لأنه يستلزم أن الآيات التي لا خبر فيها عن المغيبات المستقبلة والماضية لا إعجاز فيها، وهو باطل، فقد جعل الله كل سورة معجزة بنفسها[6]. [1] القمر: 45. [2] الفتح: 27. [3] النور: 55. [4] الروم: 1-3. [5] هود: 49. [6] انظر "البرهان" للزركشي جـ2 ص95، 96.
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 269