اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 216
لفظ "كاد":
وللعلماء في "كاد" مذاهب:
أحدها: أنها كسائر الأفعال نفيًا وإثباتًا، فإثباتها إثبات ونفيها نفي، لأن معناها المقاربة، فمعنى كاد يفعل: قارب الفعل، ومعنى ما كاد يفعل: لم يقاربه، فخبرها منفي دائمًا، ولكن النفي في الإثبات مستفاد من معناها، لأن الإخبار بقرب الشيء يقتضي عرفًا عدم حصوله، وإلا لم يتجه الإخبار بقربه, أما إذا كانت منفية فلأنه إذا انتفت مقاربة الفعل اقتضى عقلًا عدم حصوله، ويدل له قوله تعالى: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} [1], ولهذا كان أبلغ من قوله: "لم يرها" لأن من لم ير قد يقارب الرؤية.
والثاني: أنها تختلف عن سائر الأفعال إثباتًا ونفيًا، فإثباتها نفي، ونفيها إثبات، ولذا قالوا: إنها إذا أثبتت نفت، وإذا نفت أثبتت، فإذا قيل: كاد يفعل، فمعناه أنه لم يفعله بدليل قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ} 2, [1] النور: 40.
2 الإسراء: 73.
وبمعنى "صار" كقوله: {وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [1].
وتأتي "كان" في النفي ويكون المراد بها نفي صحة الخبر لا نفي وقوعه ولذا تؤول بمعنى "ما صح وما استقام" كقوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [2]، وقوله: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ} [3]، وقوله: {وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا} [4].
1 "البرهان" للزركشي جـ4 ص127 -[والآية من سورة البقرة: 34] . [2] الأنفال: 67. [3] التوبة: 17. [4] النور: 16.
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 216