اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 154
باطل[1]، لأن مجيئه على صورته لا يقتضي كونه هو، لأن السجع من الكلام يتبع المعنى فيه اللفظ الذي يؤدَّى بالسجع، وليس كذلك ما اتفق مما هو في معنى السجع من القرآن، لأن اللفظ وقع فيه تابعًا للمعنى، وفرق بين أن ينتظم الكلام في نفسه بألفاظه التي تؤدِّي المعنى المقصود فيه، وبين أن يكون المعنى منتظمًا دون اللفظ"[2].
والذي أراه أنه إذا كان المراد بالسجع مراعاة موالاة الكلام على وزن واحد دون مراعاة المعنى فإن هذا تكلف ممقوت في كلام الناس فضلًا عن كلام الله. أما إذا رُوعيت المعاني وجاء الاتفاق في الوزن تابعًا لها دون تكلف فهذا ضرب من ضروب البلاغة، قد يأتي في القرآن كما يأتي في غيره. وإذا سمينا هذا في القرآن بالفواصل دون السجع فذلك لتلافي إطلاق السجع على القرآن بالمعنى الأول.
والفواصل في القرآن الكريم أنواع:
أ- فمنها الفواصل المتماثلة كقوله تعالى: {وَالطُّورِ, وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ, فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ, وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} [3], وقوله تعالى: {وَالْفَجْرِ, وَلَيَالٍ عَشْرٍ, وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ, وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [4]، وقوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ, الْجَوَارِ الْكُنَّسِ, وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ, وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [5].
ب- ومنها الفواصل المتقاربة في الحروف، كقوله تعالى: {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ, مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [6], للتقارب بين الميم والنون في المقطع، وقوله: [1] أقوى ما استدل به الذين يثبتون السجع في القرآن أن موسى أفضل من هارون، ولما كان السجع بالألف اللينة قيل في موضع: {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} [طه: 70] ، ولما كانت الفواصل في موضع آخر بالواو والنون قيل: {رَبِّ مُوسَى وهَارُونَ} [الشعراء: 48] وأجيب بأن التقديم والتأخير لإعادة القصة الواحدة بألفاظ مختلفة تؤدي معنًى واحدًا، وليس للسجع. [2] البرهان، للزركشي جـ1 ص58. [3] الطور: 1-4. [4] الفجر: 1-4. [5] التكوير: 15-18. [6] الفاتحة: 3، 4.
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 154