responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل    الجزء : 1  صفحة : 115
وهكذا كان التدرج في تربية الأمة وفق ما يمر بها من أحداث، فقد استشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صحابته في أسرى بدر، فقال عمر: اضرب أعناقهم، وقال أبو بكر: أرى أن تعفو عنهم وأن تقبل منهم الفداء، وأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأي أبي بكر، فنزل قوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ, لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [1].
وأعجب المسلمون بكثرتهم يوم حنين حتى قال رجل: لن نُغْلَب من قلة، فتلقوا درسًا قاسيًا في ذلك، ونزل قوله تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شيئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ, ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ, ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [2].
ولما توفي عبد الله بن أُبَيٍّ -رأس المنافقين- "دُعي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للصلاة عليه، فقام عليه، فلما وقف قال عمر: أعلى عدو الله عبد الله بن أُبَي القائل كذا وكذا، والقائل كذا وكذا؟ يُعَدِّد أيامه. ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبتسم، ثم قال له: "إني قد خُيرت، قد قيل لي: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [3], فلو أعلم أني إن زدت على السبعين غُفر له لزدت عليها" ثم صلى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومشى معه حتى قام على قبره حتى فُرِغ منه، قال عمر: فعجبت لي ولجرأتي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والله ورسوله أعلم، فوالله ما كان إلا يسيرًا حتى نزلت هاتان الآيتان: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا

[1] من حديث أخرجه أحمد عن أنس [والآيتان من سورة الأنفال: 67، 68] .
[2] أخرجه البيهقي في الدلائل [والآيات من سورة التوبة: 25-27] .
[3] التوبة: 80.
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل    الجزء : 1  صفحة : 115
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست