اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 104
"أنه سأله عطية بن الأسود فقال: أوقع في قلبي الشك قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [1]، وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [2], وهذا أنزل في شوال، وفي ذي القعدة، وفي ذي الحجة، وفي المحرم وصفر وشهر ربيع، فقال ابن عباس: إنه أُنزل في رمضان في ليلة القدر جملة واحدة ثم أُنزل على مواقع النجوم[3] رَسْلًا[4] في الشهور والأيام"[5].
وأشار بعض العلماء إلى حكمة ذلك في تعظيم شأن القرآن، وتشريف المنزَّل عليه، قال السيوطي: "قيل: السر في إنزاله جملة إلى السماء تفخيم أمره وأمر من نزل عليه، وذلك بإعلام سكان السموات السبع أن هذا آخر الكتب المنزلة على خاتم الرسل لأشرف الأمم قد قربناه إليهم لينزله عليهم. ولولا أن الحكمة الإلهية اقتضت وصوله إليهم مُنَجَّمًا بحسب الوقائع لهبط به إلى الأرض جملة كسائر الكتب المنزَّلة قبله، ولكن الله باين بينه وبينها، فجعل له الأمرين: إنزاله جملة، ثم إنزاله مفرقًا، تشريفًا للمُنَزَّل عليه". وقال السخاوي في جمال القراء: "في نزوله إلى السماء جملة تكريم بني آدم وتعظيم شأنه عند الملائكة وتعريفهم عناية الله بهم، ورحمته لهم، ولهذا المعنى أمر سبعين ألفًا من الملائكة أن تُشَيِّع سورة الأنعام[6]، وزاد سبحانه في هذا المعنى بأن أمر جبريل بإملائه على السَّفَرَةِ الكرام، وإنساخهم إياه، وتلاوتهم له"[7]. [1] البقرة: 185. [2] القدر: 1. [3] على مواقع النجوم: أي على مثل مساقطها في نزوله مفرقًا يتلو بعضه بعضًا. [4] رَسْلًا: أي على تُؤدَة ورِفق. [5] أخرجه ابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات. [6] المشيَّع من القرآن: ما نزل منه محفوفًا بالملائكة. أخرج الطبراني وأبو عبيد في فضائل القرآن، عن ابن عباس قال: "نزلت سورة الأنعام بمكة ليلًا جملة حولها سبعون ألف مَلَك يجأرون بالتسبيح". [7] انظر "الإتقان" جـ1 ص40، 41.
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 104