اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 292
بقواعد اللغة وأصول الشرع، أو تأييد بعض الأهواء بآيات من القرآن زورا وبهتانا، أما إذا كانت الشروط المطلوبة متوافرة في المفسر فلا مانع من محاولته التفسير بالرأي، بل لعلنا لا نبعد إن قلنا: إن القرآن نفسه يدعو إلى هذا الاجتهاد في تدبر آياته وفقه تعاليه، قال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [1] وقال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [2].
وقد نقل السيوطي عن الزركشي "في البرهان" خلاصة الشروط التي لا بد منها لإباحة التفسير بالرأي[3]، فرآها تندرج تحت أربعة:
الأول: النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع التحرز عن الضعيف والموضوع.
الثاني: الأخذ بقول الصحابي، فقد قيل: إنه في حكم المرفوع مطلقا، وخصه بعضهم بأسباب النزول ونحوها مما لا مجال للرأي فيه.
الثالث: الأخذ بمطلق اللغة مع الاحتراز عن صرف الآيات إلى ما لا يدل عليه الكثير من كلام العرب.
الرابع: الأخذ بما يقتضيه الكلام، ويدل عليه قانون الشرع. وهذا النوع الرابع هو الذي دعا به النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس في قوله: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل".
وأشهر التفاسير التي تتوافر فيها هذه الشروط تفسير الرازي[4] المسمى "مفاتيح الغيب" وتفسير البيضاوي المسمى "أنوار التنزيل وأسرار التأويل" وتفسير أبي السعود[5] المسمى "إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم" وتفسير النسفي[6] المسمى "مدارك التنزيل، وحقائق التأويل" وتفسير [1] سورة محمد 22. [2] سورة ص29. [3] انظر الإتقان 2/ 304 والبرهان 2/ 156-161. [4] هو الإمام فخر الدين محمد بن عمر الرازي، توفي سنة 606 "انظر وفيات الأعيان 1/ 474". [5] هو محمد بن محمد بن مصطفى بن أحمد بن الطحاوي. توفي سة 982هـ. [6] هو أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي سنة 710.
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 292