responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح    الجزء : 1  صفحة : 277
ومعاني كثيرة، وأكثر الناس لا يهتدون إلى أسرارها، ولا يدركون شيئا من المعاني الإلهية التي أشير إليها! فكذلك أمر الرسم الذي في القرآن حرفا بحرف"[1].
وعلى هذا الأساس، لم يجد الزرقاني في "مناهله" بأسا في أن يعد من مزايا الرسم العثماني "دلالته" على معنى خفي دقيق كزيادة -الياء- في كتابة كلمة "أيد" من قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْد} إذ كتبت هكذا "بأييد" وذلك للإيماء إلى تعظيم قوة الله التي بنى بها السماء، وأنها لا تشبهها قوة على حد القاعدة المشهورة، وهي: زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى[2].
ولا ريب أن هذا غلو في تقديس الرسم العثماني، وتكلف في الفهم ما بعده تكلف[3]، فليس من المنطق في شيء أن يكون أمر الرسم توقيفيا، ولا أن يكون له من الأسرار ما لفواتح السور، فما صح في هذا التوقيف حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مجال لمقارنة هذا بالحروف المقطعة التي تواترت قرآنيتها في أوائل السور، وإنما اصطلح الكتبة على هذا اصطلاحا في زمن عثمان، ووافقهم الخليفة على هذا الاصطلاح، بل وضع لهم دستورا يرجعون إليه في الرسم عند الاختلاف في قوله للثلاثة القرشيين: "وإذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش, فإنما نزل بلسانهم"[4].

[1] نقلا عن الزرقاني، مناهل العرفان، ج1، ص376.
[2] الزرقاني، المصدر نفسنه، ج1، ص367 وفي هذا السياق نفسه يسترسل الرزقاني في تعليل الحذف في الآيات التالية: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ} ، {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ} ، {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} ، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} ، فينقل عن العلماء أنهم قالوا: السر في حذفها من {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ} هو الدلالة على أن هذا الدعاء سهل على الإنسان يسارع فيه كما يسارع إلى الخير، والسر في حذفها من {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} الإشارة إلى سرعة الدعاء وسرعة إجابة الداعين. إلخ, وهو تكلف ظاهر, والتعليل الطبيعي لهذا كله الكتبة لاحظوا النطق فقط، فالواو تسقط في جميع الآيات في النطق.
[3] ومن هذا الغلو والتكلف ما ينقله الزركشي في "البرهان 1/ 380 وما بعدها" عن أبي العباس المراكشي الشهير بابن البناء في كتابه "عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل".
[4] وعلى هذا الأساس، "لما كتب الصحابة المصحف زمن عثمان رضي الله عنه اختلفوا في كتابة "التابوت" فقال زيد: "التابوه" وقال النفر القرشيون "التابوت"، وترافعوا إلى عثمان فقال: اكتبوا "التابوت" فإنما أنزل القرآن على لسان قريش" البرهان 1/ 376.
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح    الجزء : 1  صفحة : 277
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست