responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح    الجزء : 1  صفحة : 271
إلى آية في سورة الأحقاف ثبت حكمها بزعمهم ست عشرة سنة قبل أن ينسخها أول سورة الفتح، وهي قوله تعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} [1]، فابن سلامة يرى أن أول هذه الآية محكم، أما المنسوخ منها فهو قوله: "وما أدري ما يفعل بي ولا بكم" ويقرر أنه عليه الصلاة والسلام عمل بها بمكة عشر سنين وعيره المشركون، فهاجر إلى المدينة، فبقي ست سنين يعيرونه، وكان المشركون يقولون: كيف يجوز لنا اتباع رجل لا يدري ما يفعل به ولا بأصحابه؟ ثم نزل أول سورة الفتح فنسخ هذه الآية، واستنتج منه المشركون أن النبي أمسى يعلم ما يفعل به وبأصحابه! [2].
وإن هذا التساهل في نسخ كلام الله، وفي تحديد مدد زمانية للعمل بمنسوخه قبل نسخه، وفي ترديد الآيات بين مدلولها لدى تنزيلها أول مرة ومدلولها بعد تبديل حكمها بآيات أخرى تنزلت عقبها بزمن يطول أو يقصر، حمل الغير على كتاب الله على أن يستبعدوا ما استطاعوا شبح النسخ المخيف، كأنه في نظرهم يعادل البداء، أو كأنه -على الأقل- معبر طبيعي إلى القول بالبداء، والإذن للجهلة في كل زمان ومكان بالخلط بين النسخ بأسراره الحكيمة والبداء بكل قبحه وفساده ودلالته على الجهل!.
إن البداء يصدر عن الذي يرى الرأي ثم يبدو له3، وقد فر اليهود من

[1] الأحقاف 90.
[2] ابن سلامة، الناسخ والمنسوخ 279، ولم يكتف ابن سلامة بتعسفه هذا كله، بل أضاف إليه تعسفا من لون جديد، فقد رأى أنه "ليس في كتاب الله تعالى كلمات منسوخة نسختها سبع آيات إلا هذه الآية" رادع ص383 في كتابه. ويشير بهذا إلى الآيات السبع في مطلع سورة الفتح، فالآيات الأربع الأولى حتى قوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} نزلت فيه عليه الصلاة والسلام والآية الخامسة نزلت في صحابته، والسادسة والسابعة في كل من المنافقين واليهود. وما أحسبك قد انقضى عجبك من هذا التكلف النادر!.
3- البرهان 2/ 30. وقد ضبطها أبو الفضل إبراهيم مصحح البرهان مرتين بالضم "البداء" وهو خطأ ظاهر، كما يظهر من مراجعة المادة في جميع القواميس المشهورة، ومعنى البداء الظهور بعد الخفاء ومنه قوله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا} وله معنى آخر هو نشأة رأي جديد لم يك موجودًا. قال في القاموس: "وبدا له في الأمر بدوا" وبداء وبداة، أي: نشأ له فيه رأي" ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} .
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح    الجزء : 1  صفحة : 271
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست