اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 260
تعالى: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ} [1]، ويأتي بمعنى التبديل كقوله: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} [2], وبمعنى التحويل كتناسخ المورايث[3]، ويأتي أخيرا بمعنى النقل من موضع إلى موضع، ومنه: "نسخت الكتاب" إذا نقلت ما فيه حاكيا للفظه وخطه[4]. وقد أنكر بعض العلماء هذا الوجه الأخير، محتجا بأن الناسخ فيه لا يأتي بلفظ المنسوخ, وإنما يأتي بلفظ آخر[5]. لكن السعدي[6] احتج لمن أخذ به بقوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [7] مع قوله: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [8]، وما أم الكتاب -في نظر السعدي- إلا اللوح المحفوظ أو الكتاب المكنون الذي {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [9]، فقد أتى ناسخ القرآن فيه بلفظ المنسوخ فيما نزل من الوحي نجوما من أم الكتاب[10].
ومنشأ الجدل في تعريف النسخ يرتد إلى ما بين تحديد الكلمة لغة وتحديدها اصطلاحا من ارتباط لا بد أن يلحظ، لئلا يكون استخدام القرآن مثل هذه اللفظة في قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [11] جاريا على غير أسلوب العرب في التعبير عن قضية لها في الإسلام خطر كبير. [1] سورة الحج 52. ومنه قولهم: نسخت الشمس الظل, ونسخ الشيب الشباب. "انظر أساس البلاغة 454". وقارن بالبرهان 2/ 29. [2] سورة النحل 101، وقارن بالإتقان 2/ 32. [3] لأن تناسخ المواريث هو تحويل الميراث من واحد إلى وحد. وقارن بالبرهان 2/ 29. وعلى هذا يقال: إن أصل النسخ تحويل ما في الخلية من النحل والعسل إلى أخرى. [4] قارن الإتقان 2/ 34 بالبرهان 2/ 29. [5] انظر الإتقان 2/ 34. [6] هو الإمام أبو عبد الله محمد بن بركات السعدي، له كتاب: "الإيجاز في معرفة ما في القرآن من منسوخ وناسخ"، ألفه للأفضل ابن أمير الجيوش. ومنه نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية برقم 1085 تفسير، وتاريخ نسخها 653هـ. [7] انظر البرهان 2/ 29 وقارن بأساس البلاغة 454. [8] سورة الجاثية 29. [9] سورة الزخرف 4. [10] قارن بالإتقان 2/ 34. [11] سورة البقرة 106.
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 260