اسم الکتاب : مباحث في التفسير الموضوعي المؤلف : مصطفى مسلم الجزء : 1 صفحة : 303
نوع القصص الذي كان فيه تثبيت قلب الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول عنه سبحانه وتعالى: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} [هود: 49] . لتكون إفحامًا لأولئك الذين أرادوا إطفاء نور الله بتوجيه هذه الأسئلة التعجيزية، ولتكون دليل صدق على أن هذا وحي من الله {مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 111] .
= البشرية على ضوء الهدايات المستمدة منه.
وفقد إحدى الدعامتين يؤدي إلى نتائج غير محمودة، فالحضارة اليونانية والرومانية قديمًا والحضارة الغربية حديثًا اعتمدت على الدعامة الأولى "الأسباب الظاهرة" فسببت الشقاء للإنسانية. وفقدت الحضارة النصرانية هذه الدعامة واعتمدت على الثانية فقط فأصيبت بالشلل والعجز.
أما الحضارة التي نتجت من فتوحات ذي القرنين، والحضارة الإسلامية التي سادت العالم -يوم كان المسلمون قادة العالم- فقد أخذت بالدعامتين فأنتجت السعادة للبشرية. العرض الإجمالي للمقطع الخامس:
في هذا المقطع قصة ذي القرنين وجولاته الثلاث في مغرب الشمس ومطلعها وبين السدين، وكما هو الشأن في القصص القرآني لا تخبرنا الآيات الكريمة عن اسم ذي القرنين ونشأته ولا عن زمانه أو مكانه[1]، وإنما تحدثنا عن شيء حول شخصيته وعن رحلاته الثلاث: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} .
إنه شخص مكن له رب السماوات والأرض الخالق المدبر المتصرف في شئون الكون، رب العزة والجبروت مكن له في الأرض وآتاه من كل شيء سببًا، وينصرف ذهن السامع أو القارئ إلى وجوه التمكين له في الأرض، [1] ليس مهمة القصة القرآنية تسجيل الحدث التاريخي من زاوية تدوينية بحتة وإنما يكون التركيز على مواطن العظة والعبرة وهي تتحقق من غير ذكر للزمان والمكان في أغلب الأحيان، وحتى الأسماء أحيانًا كما مر في قصة أصحاب الكهف وصاحب الجنتين وصاحب موسى عليه السلام. وانظر ما ذكرناه في المقطع الأول عن مزايا القصص القرآني.
اسم الکتاب : مباحث في التفسير الموضوعي المؤلف : مصطفى مسلم الجزء : 1 صفحة : 303