responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مباحث في التفسير الموضوعي المؤلف : مصطفى مسلم    الجزء : 1  صفحة : 298
كِتَابٍ مُبِينٍ، أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: 61-63] .
ولعل من وجوه الحكمة في تأخير ذكر هذه القصة بعد القصتين السابقتين في سورة الكهف، أن القيم الواردة في القصص الثلاث تتباين المدارك البشرية في التعرف عليها.
فالقصة الأولى -قصة الفتية الذين آواهم الكهف- التي اشتملت على ذكر السلطة الجائرة التي أدعت حق الألوهية وموهت على الناس الحقيقة، إن بطلان هذه الدعوى يدركه العقل السليم مهما كان المستوى الثقافي لصاحبه، لأنه أمر مخالف لبدائه العقول وفطرة الإنسان.
بينما لا تدرك جميع العقول القيمة الزائفة في القصة الثانية -قصة صاحب الجنتين- فإن المال والجاه وكثرة الرجال، زينة الحياة الدنيا، ولا تدرك حقيقتها إلا العقول المهتدية بنور الإيمان.
أما القيمة الحقيقية للعلم بمظهره الظاهر والخفي، علم الشرائع والعلم اللدني لا يدرك حقيقته إلا أهل البصائر من المؤمنين الراسخين الذين لا تزعزع إيمانهم الأسباب الظاهرة والنتائج المحتملة، بل يرون خلف الأسباب والمسببات يد القدرة الإلهية والحكمة العليا التي تتجلى فيها حقائق أسماء الله الحسنى وصفاته العلى.
لذا فإننا نقول إن المقابلة هنا في قصة موسى والخضر عليهما السلام ليست مقابلة بين قيم زائفة وأخرى حقة، كما كان الحال في قصة أصحاب الكهف وقصة صاحب الجنتين، بل المقابلة بين قيم صحيحة ظاهرة وقيم صحيحة أخرى غيبية في علم الله المحيط بالحقائق ومآل الأمور.
والمتمسك بالعلم الظاهر محمود الفعال والسلوك، وينبغي أن لا ينكر العلوم الخفية وخاصة إذا وجد من الظواهر الكونية ما لا يمكنه تعليله أو معرفة أسبابه الظاهرة أو إدراك وجه الحكمة فيه، وإنما يعيد العلم إلى الذي يعلم السر في السماوات والأرض.

اسم الکتاب : مباحث في التفسير الموضوعي المؤلف : مصطفى مسلم    الجزء : 1  صفحة : 298
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست