responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مباحث في التفسير الموضوعي المؤلف : مصطفى مسلم    الجزء : 1  صفحة : 285
سيحدث له ذكرًا لهذه التصرفات، بدأ بوفاء وعده، وذكر الأسباب التي دفعته إليها: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} .
إن الأمر في غاية الوضوح عند المطلع على الأسباب الحقيقية الخفية.
إن هذا التصرف -الذي كان ظاهره إلحاق الضرر بأهل السفنية- كان في الحقيقة لصالحهم، لقد كانت سفينتهم معرضة للحجز والغصب، ولو تركت سليمة لخسروها تمامًا وفاتتهم بالكلية، فإلحاق خرق بها وهو ضرر محتمل في سبيل دفع ضرر أكبر شيء تقول به بدهيات العقول، وتستسيغه جميع النفوس بل يكون هذا التصرف من أعظم الإحسان إلى أصحاب السفينة، مقابل إحسانهم بحملنا من غير أجر.
ولم ينتظر الخضر من موسى جوابًا وإقرارًا على ما يقول، فإن الأمر من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى تردد أو جدال.
{وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا، فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} .
"لقد كان الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرًا" [1]، وكان الأبوان المؤمنان الصالحان متعلقين بهذا الغلام تعلقًا شديدًا، إنها عاطفة الأبوة، وحقيقة حال الغلام غير ظاهرة لهما، فلو استمر الغلام بينهما على قيد الحياة لأوردهما المهالك، فلا يملكان رده عن غيه وكفره ولا يتحكمان في قلبيهما لهجرة ومقاطعته.
إن حزن ساعات وأيام خير لهما من نار جهنم، والعوض الذي وعدا به كفيل أن يسدل الستار على ذكرى هذا الغلام التعيس الشقي.
{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216] .
ومن ينظر بنور الله وببصيرة المؤمن يتلمس جوانب الخيرية في كل ما يصيبه

[1] انظر صحيح مسلم كتاب الفضائل 7/ 107.
اسم الکتاب : مباحث في التفسير الموضوعي المؤلف : مصطفى مسلم    الجزء : 1  صفحة : 285
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست