responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مباحث في التفسير الموضوعي المؤلف : مصطفى مسلم    الجزء : 1  صفحة : 281
أولها: الجانب النفسي لموسى عليه السلام
ويقصد بذلك طبيعة موسى عليه السلام التي تربى عليها، فقد فتح عينيه في بيت عزة وأبهة وملك، وترعرع على ذلك، والإنسان ابن بيئته، فقد كان العنفوان والحدة يسري في دمه، وانعكس ذلك على تصرفاته قبل النبوة وبعدها:
ففي حادثة انتثاره للإسرائيلي وضربه القبطي يظهر جانب من هذه الشدة: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص: 15] .
وفي حادثة توجهه إلى الإسرائيلي في اليوم التالي وقد استنجد به ثانية {قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ، فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} [القصص: 18، 19] .
وبعد النبوة نلحظ هذه الشدة في تصرفاته، فلما رجع إلى قومه ووجدهم يعكفون على عبادة العجل، ووجد أخاه هارون بين ظهرانيهم لم يتخذ حيالهم إجراء حاسمًا، ألقى الألواح وأخذ برأس أخيه {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأعراف: 150، 151] .
وفي سفره مع الرجل الصالح {قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} {قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا} ، {قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} .
إنه يمثل ذاك النموذج من الرجال المخلصين الذين تأخذهم الحدة عند مجابهة الأحداث المخالفة لما يرونه الصواب والحق، ولكن سرعان ما يراجعون أنفسهم عندما يذكرون بالحق ويظهر لهم الصواب.
فموقفه من تصرفات الرجل الصالح كان من أثر التكوين الشخصي لنفس موسى عليه السلام، وحدة مزاجه، فلا يستطيع إلا أن يقول ما يعتقده الحق مهما كانت الظروف.

اسم الکتاب : مباحث في التفسير الموضوعي المؤلف : مصطفى مسلم    الجزء : 1  صفحة : 281
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست