responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مباحث في التفسير الموضوعي المؤلف : مصطفى مسلم    الجزء : 1  صفحة : 145
النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [يونس: 22-23] .
إن الشعور بالنقص في الإنسان، وعدم قدرته على توفير متطلباته العضوية، وإشباع ميولة الغريزية، تجعله يلتجئ بالضرورة إلى القوة القادرة التي تهيئ له هذه الحاجات وتشبع له هذه الغرائز.
يقول الإمام القزويني في سراج العقول:
"الدليل على أن معرفة الله واجبة كونها من الأمور التي تصل العقول إليها، فإن الإنسان إذا دهاه أمر وضاقت به المسالك، فلا بد أن يستند إلى إله يتأله له، ويتضرع نحوه ويلجأ إليه في كشف بلواه ويسمو قلبه صعودًا إلى السماء ويشخص ناظره إليها. فيستغيث خالقه وبارئه طبعًا وجبلة، لا تكلفًا وحيلة. وهي الفطرة المذكورة في القرآن والحديث ولكن أكثر الناس قد ذهلوا عن ذلك في حالة السراء، وإنما يردون إليه في الضراء. قال تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 67] [1].
إن في حالات الرخاء، أو حالات تلبية الحاجات من قبل المخلوقين قد تلقي ظلالًا من الغبش والرين على صفاء الفطرة، فينحرف بها صاحبها وتنكر وجود خالقها ورازقها والمتصرف في شئونها {إِنَّ الْأِنْسَانَ لَيَطْغَى، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6-7] .
إلا أن هذا الغبش وهذا الران على الفطرة سرعان ما يزول وتعود الفطرة إلى صفائها وتلتجئ إلى خالقها عندما تنقطع عنها الأسباب، وتشعر بحالة من حالات الاضطرار التي لا يملك صاحبها معها التصرف، فعندئذ تظهر علامات الخشوع والخضوع والالتجاء إلى البارئ المصور فتخلص في هذا الالتجاء وفي هذا الدعاء. يقول تعالى:
{قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ

[1] نقلًا عن دلائل التوحيد للشيخ محمد جمال الدين القاسمي: 24.
اسم الکتاب : مباحث في التفسير الموضوعي المؤلف : مصطفى مسلم    الجزء : 1  صفحة : 145
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست