responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مباحث في التفسير الموضوعي المؤلف : مصطفى مسلم    الجزء : 1  صفحة : 107
بسيطة في إثارتها، صعبة في الحصول على الإجابة المقنعة التي يطمئن لها القلب ويستسلم لها العقل.
والقرآن بدأ هذه البدايات المبسطة وتوصل إلى تلك النتائج الباهرة المقنعة من خلال إقامة البراهين. ولو ذهبنا نسوق الأمثلة على أسلوب القرآن الكريم الفطري في المحاجة والاستدلال لامتد بنا المجال، ولكن نستدل على ذلك من خلال آيات سورة الواقعة، فنتدبر قول الله تعالى: {نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ} هذه هي القضية التي يراد إثباتها والاستدلال عليها، وهي قضية: تفرد الله سبحانه وتعالى بالخلق والإيجاد وعدم وجود الشركاء له في ذلك فما هي الأدلة؟
{أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ، أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ، نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ، عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ، وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ، أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ، أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ، لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ، إِنَّا لَمُغْرَمُونَ، بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ، أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ، أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ، لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ، أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ، أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ، نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ، فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 57-74] .
يقول سيد قطب في تفسيره لهذه الآيات:
"وفيه تنجلي طريقة القرآن في مخاطبة الفطرة البشرية، وفي تناول الدلائل الإيمانية، وفي التلطف إلى النفوس في بساطة ويسر، وهو يتناول أكبر الحقائق في صورها القريبة الميسورة. إن هذا القرآن يجعل من مألوفات البشر وحوادثهم المكرورة قضايا كونية كبرى، يكشف فيها عن النواميس الإلهية في الوجود، وينشئ بها عقيدة ضخمة شاملة وتصورًا كاملًا لهذا الوجود. إن طريقة القرآن في مخاطبة الفطرة البشرية تدل بذاتها على مصدره، إنه المصدر الذي صدر منه الكون، فطريقة بنائه هي طريقة بناء الكون.

اسم الکتاب : مباحث في التفسير الموضوعي المؤلف : مصطفى مسلم    الجزء : 1  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست