اسم الکتاب : فضائل القرآن المؤلف : ابن كثير الجزء : 1 صفحة : 64
وقد أمر أمته أن يبلغ الشاهد الغائب، وقال: "بلغوا عنى ولو [1] آية" , يعنى: ولو لم يكن مع أحدكم سوى آية واحدة، فليؤدها إلى من وراءه، فبلغوا عنه ما أمرهم به، فأدوا القرآن قرآنا، والسنة سنة، لم يلبسوا هذا بهذا.
ولهذا قال عليه السلام: "من كتب عنى سوى القرآن [2] فليمحه" , أى: لئلَّا يختلط بالقرآن، وليس معناه أن لا يحفظوا السنة ويرووها، والله أعلم. فلهذا نعلم بالضرورة أنه لم يبق من القرآن مما أداه الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إليهم إلا وقد بلغوه إلينا، ولله الحمد والمنة.
فكان الذي فعله الشيخان أبو بكر وعمر -رضى الله عنهما- من أكبر المصالح الدينية وأعظمها، من حفظهما كتاب الله فى الصحف؛ لئلَّا يذهب منه شىء بموت من تلقاه عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم كانت تلك الصحف عند الصديق أيام حياته، ثم أخذها عمر بعده، فكانت عنده [1] أخرجه البخاري "6/ 496- فتح", وقد مَرَّ تخريجه. [2] أخرجه مسلم "3004/ 72"، والنسائي في "الفضائل" "33"، وأحمد "3/ 12، 21، 39، 56"، والدارمي "1/ 98"، وابن حبان "64"، والحاكم "1/ 126-127"، وآخرون من حديث عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا: "لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار".
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين", وقد وهم في استدراكه على مسلم. والله أعلم.
اسم الکتاب : فضائل القرآن المؤلف : ابن كثير الجزء : 1 صفحة : 64