التي أرسلها الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى القيروان بقصد تفقيه البربر، وإرشادهم إلى شرائع الإسلام، وتعاليمه العالية، فما كان من هؤلاء المرشدين إلا أن اختطَّ كل واحد منهم داراً لسكناه، وبنى بحذائها مسجداً لعبادته ومجالسه، واتخذ بقربه كُتَّاباً لتحفيظ القرآن، وتلقين مبادئ العربية لصغار أطفال البلد [1] .
وقد ظهرت في وقت مبكر من التاريخ الإسلامي الحاجة إلى موارد تكفل للقائمين على تعليم القرآن ونشره، موارد رزقهم، وتكفيهم حاجاتهم، لينصرفوا بكليتهم لتعليم القرآن الكريم، فأصبح رصد الأوقاف، وتحبيس العقارات على المساجد وحلقات القرآن سنة لدى المسلمين على اختلاف حالاتهم الاجتماعية والمادية.
يسجل التاريخ " أن الوليد بن عبد الملك في سنة 88هـ وقف بعض القرى والمزارع لمسجد أمية بالشام، ويقال: إن هذا كان أول وقف من نوعه، لأن غلة هذه القرى، والمزارع كانت تصرف للمسجد، ثمّ توسعت مجالات الأوقاف، وشملت مرافق الحياة كلها.
وفي أيام الدولة العثمانية اتسعت مساحة الأوقاف كثيراً، وكانت المدارس، والزوايا، والمساجد، وخدمات البلدية، والمستشفيات، وما إلى ذلك، كل هذه كانت تدار بالأوقاف، ويصرف عليها منها" [2] . [1] عبد الوهاب، حسن حسني، كتاب العمر في المصنفات والمؤلفين التونسيين، الطبعة الأولى، مراجعة محمد العمروسي المطوي، وبشير البكوش، (تونس: بيت الحكمة، سنة 1990م) ج1، ص 46. [2] أوزاك، علي، بحث (إدارة الأوقاف الإسلامية في المجتمع المعاصر في تركيا) ، (أهمية الأوقاف الإسلامية في عالم اليوم) ، (الأردن: مآب مؤسسة آل البيت، سنة 1417هـ، 1996م) ، ص:339.