ولما أنني لم أعثر على قول لأحد من المتقدمين في ذلك، ولا يوجد أمامنا إلا ما أفادنا به هؤلاء المعاصرون الأفاضل -جزاهم الله خيرًا- فالذي أراه هنا -والله أعلم- هو أن نقول:
إن القراءات شذَّت على مرحلتين:
أ- في العرضة الأخيرة وما قبلها، فالمنسوخ من القرآن حتى العرضة الأخيرة يعتبر شاذًّا، ويدخل فيه ما نقل عن مصحف أُبي بن كعب أو عن مصحف ابن مسعود -رضي الله عنهما- وهو منسوخ التلاوة.
ب- حين أمر عثمان -رضي الله عنه- بجمع المصاحف، وحمل الأمة عليها، فكل ما كان مع الصحابة من القرآن المنسوخ ولم يعلموا بنسخه، أو كان يُقرأ ولم يثبت تواتره فخالف رسم المصاحف العثمانية، كل ذلك يعتبر شاذًّا.
= ويعترف بذلك الدكتور/ شعبان محمد إسماعيل كذلك، كما أننا لا نأخذ بما فهمه الدكتور/ الطويل من قول الدكتور/ شعبان، وعبر عنه بأن الحكم بالشذوذ على بعض القراءات بدأ بعدما عرفت الضوابط التي تقاس بها القراءات الصحيحة، ثم حدد ذلك بظهور المصاحف العثمانية، وذلك:
1- لأن ظهور الضوابط متأخر زمنًا عن ظهور المصاحف العثمانية.
2- لم يقصد الدكتور/ شعبان ما فهمه الدكتور/ الطويل؛ وإنما أشار إلى التأمل في في أركان القراءة الصحيحة؛ حيث موافقة القراءة لرسم أحد المصاحف العثمانية شرط في قبولها، فيفهم من ذلك ما ذهب إليه من أن الشذوذ بدأ منذ عصر الخليفة الراشد عثمان -رضي الله عنه- والله أعلم.