وقد وضح مفهوم هذه الآية في قوله تعالى: {وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} [1].
ومعنى كلمة "مكث": الترسل والتمهل في التلاوة والترتيل؛ بحيث يعطِي القارئُ القراءةَ حقَّها من ترتيلها وتبيين حروفها، ومستحقها من تحسين الحروف وتطييب التلاوة بالصوت الحسن ما أمكن.
ويشير إلى ذلك قوله تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} [2].
فحق التلاوة: ترتيل الكلمات وتجويد الحروف وفهم المعاني والعمل بمقتضاها.
ويؤيد ذلك قوله تعالى: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} [3].
ففيه نهي عن العجلة والسرعة في القراءة؛ مخافة أن يؤديَ ذلك إلى اللحن في التلاوة، وعدم إعطاء الحروف حقوقها ومستحقاتها، فيكون فيه مخالفة الأمر بـ"الترتيل".
كما وضح ذلك بتوضيح أكثر في قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ، فَإِذَا [1] الإسراء: 106. [2] البقرة: 121. [3] طه: 114.