اسم الکتاب : روائع البيان تفسير آيات الأحكام المؤلف : الصابوني، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 458
وقد كانت المتعة في صدر الإسلام جائزة ثم نسخت واستقر على ذلك النهي والتحريم، وما روي عن ابن عباس من القول بحلها فقد ثبت رجوعه عنه كما أخرج الترمذي عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أنه قال: «إنما كانت المتعة في أول الإسلام، كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه مقيم، فتحفظ له متاعه وتصلح له شأنه» حتى نزلت الآية الكريمة
{إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المعارج: 30] فكل فرج سواهما فهو حرام.
فقد ثبت رجوعه عن قوله وهو الصحيح. وحكي أنه إنما أباحها حالة الاضطرار، والعنت في الأسفار، فقد روي عن ابن جبير أنه قال: قلت لابن عباس: لقد سارت بفتياك الركبان، وقال فيها الشعراء، قال: وما قالوا؟ قلت قالوا:
قد قلت للشيخ لا طال مجلسه ... يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس
هل لك في رخصة الأطراف آنسة ... تكون مثواك حتى مصدر الناس
فقال: سبحان الله ما بهذا أفتيت!! وما هي إلاّ كالميتة، والدم، ولحم الخنزير، ولا تحل إلاّ للمضطر.
ومن هنا قال الحازمي: إنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يكن أباحها لهم وهم في بيوتهم وأوطانهم، وإنما أباحها لهم في أوقات بحسب الضرورات، حتى حرّمها عليهم في آخر الأمر تحريم تأبيد.
الأدلة الشرعية والعقلية على تحريم المتعة
احتج أهل السُنَّة على حرمة المتعة بوجوه نلخصها فيما يلي:
أولاً: إن الوطء لا يحل إلاّ في الزوجة أو المملوكة لقوله تعالى: {والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 5 - 6] وهذه ليست زوجة وليست مملوكة، لأنها لو كانت زوجة لحصل التوارث، وثبت النسب ووجبت العدة، وهذه لا تثبت باتفاق فيكون باطلاً.
ثانياً: إن الأحاديث الشريفة جاءت مصرحة بتحريمه، منها ما رواه مالك
اسم الکتاب : روائع البيان تفسير آيات الأحكام المؤلف : الصابوني، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 458